وَالسُّنَّةِ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي. وَقَدْ أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نَقُولَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} آمِينَ. وَصَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {الْيَهُودُ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِمْ وَالنَّصَارَى ضَالُّونَ} قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة: كَانُوا يَقُولُونَ مَنْ فَسَدَ مِنْ الْعُلَمَاءِ فَفِيهِ شَبَهٌ مِنْ الْيَهُودِ وَمَنْ فَسَدَ مِنْ الْعِبَادِ فَفِيهِ شَبَهٌ مِنْ النَّصَارَى وَكَانَ السَّلَفُ يَقُولُونَ: احْذَرُوا فِتْنَةَ الْعَالِمِ الْفَاجِرِ وَالْعَابِدِ الْجَاهِلِ: فَإِنَّ فِتْنَتَهُمَا فِتْنَةٌ لِكُلِّ مَفْتُونٍ فَطَالِبُ الْعِلْمِ إنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِطَلَبِهِ فِعْلُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَتَرْكُ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْ الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِلَّا وَقَعَ فِي الضَّلَالِ. وَأَهْلُ الْإِرَادَةِ إنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِإِرَادَتِهِمْ طَلَبُ الْعِلْمِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِمْ الِاعْتِصَامُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِلَّا وَقَعُوا فِي الضَّلَالِ وَالْبَغْيِ وَلَوْ اعْتَصَمَ رَجُلٌ بِالْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ بِالْوَاجِبِ كَانَ غَاوِيًا وَإِذَا اعْتَصَمَ بِالْعِبَادَةِ الشَّرْعِيَّةِ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ بِالْوَاجِبِ كَانَ ضَالًّا وَالضَّلَالُ سِمَةُ النَّصَارَى وَالْبَغْيُ سِمَةُ الْيَهُودِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْأُمَّتَيْنِ فِيهَا الضَّلَالُ وَالْبَغْيُ وَلِهَذَا تَجِدُ مَنْ انْحَرَفَ عَنْ الشَّرِيعَةِ فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مِنْ أَهْلِ الْإِرَادَةِ وَالْعِبَادَةِ وَالسُّلُوكِ وَالطَّرِيقِ يَنْتَهُونَ إلَى الْفَنَاءِ الَّذِي لَا يُمَيِّزُونَ فِيهِ بَيْنَ الْمَأْمُورِ وَالْمَحْظُورِ فَيَكُونُونَ فِيهِ مُتَّبِعِينَ أَهْوَاءَهُمْ. وَإِنَّمَا الْفَنَاءُ الشَّرْعِيُّ أَنْ يَفْنَى بِعِبَادَةِ اللَّهِ عَنْ عِبَادَةِ مَا سِوَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute