للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلَى إخْرَاجِ الدَّمِ الْفَاسِدِ ثُمَّ التَّأَسِّي هَلْ مَخْصُوصٌ بِالْحِجَامَةِ؟ أَوْ الْمَقْصُودُ إخْرَاجُ الدَّمِ عَلَى الْوَجْهِ النَّافِعِ؟ وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّأَسِّي هُوَ الْمَشْرُوعُ فَإِذَا كَانَ الْبَلَدُ حَارًّا يَخْرُجُ فِيهِ الدَّمُ إلَى الْجِلْدِ كَانَتْ الْحِجَامَةُ هِيَ الْمَصْلَحَةَ وَإِنْ كَانَ الْبَلَدُ بَارِدًا يَغُورُ فِيهِ الدَّمُ إلَى الْعُرُوقِ كَانَ إخْرَاجُهُ بِالْفَصْدِ هُوَ الْمَصْلَحَةُ. وَكَذَلِكَ ادِّهَانُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. هَلْ الْمَقْصُودُ خُصُوصُ الدَّهْنِ أَوْ الْمَقْصُودُ تَرْجِيلُ الشَّعْرِ؟ فَإِنْ كَانَ الْبَلَدُ رَطْبًا وَأَهْلُهُ يَغْتَسِلُونَ بِالْمَاءِ الْحَارِّ الَّذِي يُغْنِيهِمْ عَنْ الدَّهْنِ وَالدَّهْنُ يُؤْذِي شُعُورَهُمْ وَجُلُودَهُمْ يَكُونُ الْمَشْرُوعُ فِي حَقِّهِمْ تَرْجِيلَ الشَّعْرِ بِمَا هُوَ أَصْلَحُ لَهُمْ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْأَشْبَهُ. وَكَذَلِكَ لَمَّا كَانَ يَأْكُلُ الرُّطَبَ وَالتَّمْرَ وَخُبْزَ الشَّعِيرِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ قُوتِ بَلَدٍ فَهَلْ التَّأَسِّي بِهِ أَنْ يُقْصَدَ خُصُوصُ الرُّطَبِ وَالتَّمْرِ وَالشَّعِيرِ حَتَّى يَفْعَلَ ذَلِكَ مَنْ يَكُونُ فِي بِلَادٍ لَا يَنْبُتُ فِيهَا التَّمْرُ وَلَا يَقْتَاتُونَ الشَّعِيرَ بَلْ يَقْتَاتُونَ الْبُرَّ أَوْ الرُّزَّ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْمَشْرُوعُ. وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الصَّحَابَةَ لَمَّا فَتَحُوا الْأَمْصَارَ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ يَأْكُلُ مَنْ قُوتِ بَلَدِهِ وَيَلْبَسُ مِنْ لِبَاسِ بَلَدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْصِدَ أَقْوَاتَ الْمَدِينَةِ وَلِبَاسَهَا وَلَوْ كَانَ هَذَا الثَّانِي هُوَ الْأَفْضَلُ فِي حَقِّهِمْ لَكَانُوا أَوْلَى بِاخْتِيَارِ الْأَفْضَلِ.