للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَالْقُنُوتُ مِنْ السُّنَنِ الْعَوَارِضِ لَا الرَّوَاتِبِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّهُ تَرَكَهُ لَمَّا زَالَ الْعَارِضُ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى ثُمَّ تَرَكَهُ لَمَّا زَالَ الْعَارِضُ وَثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ أَنَّهُ لَمْ يَقْنُتْ بَعْدَ الرُّكُوعِ إلَّا شَهْرًا هَكَذَا ثَبَتَ عَنْ أَنَسٍ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ قَطُّ عَنْهُ أَنَّهُ قَنَتَ الْقُنُوتَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ لَا قَبْلَ الرُّكُوعِ وَلَا بَعْدَهُ وَلَا فِي كُتُبِ الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَلْ قَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ الصَّحَابَةُ كَابْنِ عُمَرَ وَأَبِي مَالِكٍ الأشجعي وَغَيْرِهِمَا. وَمِنْ الْمَعْلُومِ قَطْعًا أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كَانَ كُلَّ يَوْمٍ يَقْنُتُ قُنُوتًا يَجْهَرُ بِهِ لَكَانَ لَهُ فِيهِ دُعَاءٌ يَنْقُلُهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُمْ نَقَلُوا مَا كَانَ يَقُولُهُ فِي الْقُنُوتِ الْعَارِضِ وَقُنُوتِ الْوِتْرِ فَالْقُنُوتُ الرَّاتِبُ أَوْلَى أَنْ يُنْقَلَ دُعَاؤُهُ فِيهِ فَإِذَا كَانَ الَّذِي نَسْتَحِبُّهُ إنَّمَا يَدْعُو فِيهِ لِقُنُوتِ الْوِتْرِ عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا مِمَّا يُعْلَمُ بِالْيَقِينِ الْقَطْعِيِّ كَمَا يُعْلَمُ عَدَمُ النَّصِّ عَلَى هَذَا وَأَمْثَالِهِ فَإِنَّهُ مِنْ الْمُمْتَنِعِ أَنْ يَكُونَ الصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ أَهْمَلُوا نَقْلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مِمَّا يُعْلَمُ بُطْلَانُهُ قَطْعًا. وَكَذَلِكَ الْمَأْثُورُ عَنْ الصَّحَابَةِ مِثْلِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمَا هُوَ الْقُنُوتُ الْعَارِضُ قُنُوتُ النَّوَازِلِ وَدُعَاءُ عُمَرَ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: " اللَّهُمَّ عَذِّبْ كَفَرَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ " إلَخْ. يَقْتَضِي أَنَّهُ دَعَا بِهِ عِنْدَ قَتْلِهِ لِلنَّصَارَى وَكَذَلِكَ دُعَاءُ عَلِيٍّ عِنْدَ قِتَالِهِ لِبَعْضِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ. وَالْحَدِيثُ الَّذِي فِيهِ عَنْ