للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْحَمْدُ مِفْتَاحُ كُلِّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ: مِنْ مُنَاجَاةِ الرَّبِّ وَمُخَاطَبَةِ الْعِبَادِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا وَالشَّهَادَةُ مَقْرُونَةٌ بِالْحَمْدِ وَبِالتَّكْبِيرِ فَهِيَ فِي الْأَذَانِ وَفِي الْخُطَبِ خَاتِمَةُ الثَّنَاءِ فَتُذْكَرُ بَعْدَ التَّكْبِيرِ ثُمَّ يُخَاطِبُ النَّاسَ بِقَوْلِ الْمُؤَذِّنِ: حَيِّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيِّ عَلَى الْفَلَاحِ وَتُذْكَرُ فِي الْخُطَبِ ثُمَّ يُخَاطِبُ النَّاسَ بِقَوْلِ: أَمَّا بَعْدُ وَتُذْكَرُ فِي التَّشَهُّدِ ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إلَيْهِ فَالْحَمْدُ وَالتَّوْحِيدُ مُقَدَّمٌ فِي خِطَابِ الْخَلْقِ لِلْخَالِقِ وَالْحَمْدُ لَهُ الِابْتِدَاءُ. فَإِنَّ اللَّهَ لَمَّا خَلَقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوَّلُ مَا أَنْطَقَهُ بالحمد فَإِنَّهُ عَطَسَ وَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَقَالَ اللَّهُ: يَرْحَمُك رَبُّك وَكَانَ أَوَّلُ مَا نَطَقَ بِهِ الْحَمْدُ وَأَوَّلُ مَا سَمِعَ مِنْ اللَّهِ الرَّحْمَةَ وَبِهِ افْتَتَحَ اللَّهُ أُمَّ الْقُرْآنِ وَالتَّشَهُّدُ هُوَ الْخَاتِمَةُ. فَأَوَّلُ الْفَاتِحَةِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ} وَآخِرُ مَا لِلرَّبِّ {إيَّاكَ نَعْبُدُ} . وَكَذَلِكَ التَّشَهُّدُ. وَالْخُطَبُ فِيهَا التَّشَهُّدُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ. فَأَنْ يَتَضَمَّنْ إلَهِيَّةَ الرَّبِّ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الرَّبُّ هُوَ الْمَعْبُودُ هَذَا هُوَ الْغَايَةُ الَّتِي يَنْتَهِي إلَيْهَا أَعْمَالُ الْعِبَادِ و {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} لَكِنْ قَدَّمَ الْحَمْدَ؛ لِأَنَّ الْحَمْدَ يَكُونُ مِنْ اللَّهِ وَيَكُونُ مِنْ الْخَلْقِ. وَهُوَ بَاقٍ فِي الْجَنَّةِ: فَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ بِخِلَافِ الْعِبَادَةِ. فَإِنَّ الْعِبَادَةَ إنَّمَا تَكُونُ فِي الدُّنْيَا بِالسُّجُودِ وَنَحْوِهِ وَتَوْحِيدِهِ وَذِكْرُهُ بَاقٍ فِي الْجَنَّةِ يُلْهِمُهُ أَهْلَ الْجَنَّةِ كَمَا يُلْهِمُهُمْ النَّفَسَ.