وَلَمَّا رَأَيْته يُلِحُّ فِي الْأَمْرِ بِذَلِكَ أَغْلَظْت عَلَيْهِ فِي الْكَلَامِ. وَقُلْت دَعْ هَذَا الْفُشَارَ وَقُمْ رُحْ فِي شُغْلِك. فَأَنَا مَا طَلَبْت مِنْكُمْ أَنْ تُخْرِجُونِي - وَكَانُوا قَدْ أَغْلَقُوا الْبَابَ الْقَائِمَ الَّذِي يَدْخُلُ مِنْهُ إلَى الْبَابِ الْمُطْبِقِ - فَقُلْت أَنَا افْتَحُوا لِي الْبَابَ حَتَّى أَنْزِلَ يَعْنِي فَرَغَ الْكَلَامُ. وَجَعَلَ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُولُ لِي: أَتُخَالِفُ الْمَذَاهِبَ الْأَرْبَعَةَ فَقُلْت: أَنَا مَا قُلْت: إلَّا مَا يُوَافِقُ الْمَذَاهِبَ الْأَرْبَعَةَ، وَلَمْ يَحْكُمْ عَلَيَّ أَحَدٌ مِنْ الْحُكَّامِ إلَّا ابْنُ مَخْلُوفٍ وَأَنْتَ كُنْت ذَلِكَ الْيَوْمَ حَاضِرًا. وَقُلْت لَهُ أَنْتَ وَحْدَك تَحْكُمُ أَوْ أَنْتَ وَهَؤُلَاءِ. فَقَالَ: بَلْ أَنَا وَحْدِي فَقُلْت لَهُ: أَنْتَ خَصْمِي، فَكَيْفَ تَحْكُمُ عَلَيَّ؟ فَقَالَ: كَذَا وَمَدَّ صَوْتَهُ وَانْزَوَى إلَى الزَّاوِيَةِ. وَقَالَ: قُمْ، قُمْ. فَأَقَامُونِي وَأَمَرُوا بِي إلَى الْحَبْسِ ثُمَّ جَعَلْت أَقُولُ: أَنَا وَإِخْوَتِي غَيْرَ مَرَّةٍ: أَنَا أَرْجِعُ وَأُجِيبُ وَإِنْ كُنْت أَنْتَ الْحَاكِمُ وَحْدَك. فَلَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ مِنِّي. فَلَمَّا ذَهَبُوا بِي إلَى الْحَبْسِ حَكَمَ بِمَا حَكَمَ بِهِ وَأَثْبَتَ مَا أَثْبَتَ وَأَمَرَ فِي الْكِتَابِ السُّلْطَانِيِّ بِمَا أَمَرَ بِهِ فَهَلْ يَقُولُ أَحَدٌ مِنْ الْيَهُودِ أَوْ النَّصَارَى دَعْ الْمُسْلِمِينَ إنَّ هَذَا حُبِسَ بِالشَّرْعِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُقَالَ: شَرْعُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَهَذَا مِمَّا يَعْلَمُ الصِّبْيَانُ الصِّغَارُ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِشَرْعِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَهَذَا الْحَاكِمُ هُوَ وَذَوُوه دَائِمًا يَقُولُونَ فَعَلْنَا مَا فَعَلْنَا بِشَرْعِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute