للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي نَفْسِك يَا فَارِسِيُّ؛ فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَسَمْت الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ} الْحَدِيثَ. وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ أُمَّ الْقُرْآنِ الَّتِي يَجِبُ قِرَاءَتُهَا فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ الْقِرَاءَةُ الْمَقْسُومَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا مَعَ دَلَالَةِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ؛ وَذَلِكَ يَنْفِي وُجُوبَ قِرَاءَتِهَا عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَيَكُونُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَإِنْ كَانَ قَرَأَ بِهَا؛ قَرَأَ بِهَا اسْتِحْبَابًا لَا وُجُوبًا. وَالْجَهْرُ بِهَا مَعَ كَوْنِهَا لَيْسَتْ مِنْ الْفَاتِحَةِ قَوْلٌ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ؛ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْمَشْهُورِينَ؛ وَلَا أَعْلَمُ بِهِ قَائِلًا؛ لَكِنْ هِيَ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَإِيجَابُ قِرَاءَتِهَا مَعَ الْمُخَافَتَةِ بِهَا قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ؛ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد؛ وَإِذَا كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ إنَّمَا قَرَأَهَا اسْتِحْبَابًا لَا وُجُوبًا؛ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا تُشْرَعُ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى الْجَهْرِ بِهَا؛ كَانَ جَهْرُهُ بِهَا أَوْلَى أَنْ يَثْبُتَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ لِيُعَرِّفَهُمْ اسْتِحْبَابَ قِرَاءَتِهَا؛ وَأَنَّ قِرَاءَتَهَا مَشْرُوعَةٌ؛ كَمَا جَهَرَ عُمَرُ بِالِاسْتِفْتَاحِ: وَكَمَا جَهَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَلَى الْجِنَازَةِ؛ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ وَيَكُونُ أَبُو هُرَيْرَةَ قَصَدَ تَعْرِيفَهُمْ أَنَّهَا تُقْرَأُ فِي الْجُمْلَةِ؛ وَإِنْ لَمْ يُجْهَرْ بِهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ هَذَا مُخَالِفًا لِحَدِيثِ أَنَسٍ الَّذِي فِي الصَّحِيحِ؛ وَحَدِيثِ عَائِشَةَ الَّذِي فِي الصَّحِيحِ؛ وَغَيْرِ ذَلِكَ. هَذَا إنْ كَانَ الْحَدِيثُ دَالًّا عَلَى أَنَّهُ جَهَرَ بِهَا؛ فَإِنَّ لَفْظَهُ لَيْسَ صَرِيحًا بِذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ: