ذَلِكَ الْإِسْنَادِ وَهَؤُلَاءِ أَخَذَ الصَّلَاةَ عَنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَمْثَالُهُمْ مِنْ فُقَهَاءِ الْكُوفَةِ فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ نَفْسَ صَلَاةِ هَؤُلَاءِ هِيَ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ حَتَّى فِي مَوَارِدِ النِّزَاعِ فَإِنْ جَازَ هَذَا كَانَ هَؤُلَاءِ لَا يَجْهَرُونَ وَلَا يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ إلَّا فِي تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ وَيُسْفِرُونَ بِالْفَجْرِ وَأَنْوَاعُ ذَلِكَ مِمَّا عَلَيْهِ الْكُوفِيُّونَ. وَنَطِيرُ هَذِهِ احْتِجَاجُ بَعْضِهِمْ عَلَى الْجَهْرِ بِأَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ جريج كَانُوا يَجْهَرُونَ وَأَنَّهُمْ أَخَذُوا صَلَاتَهُمْ عَنْ ابْنِ جريج وَهُوَ أَخَذَهَا عَنْ عَطَاءٍ وَعَطَاءٌ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَابْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَوَّلُ مَا أَخَذَ الْفِقْهَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَغَيْرِهَا عَنْ أَصْحَابِ ابْنِ جريج. كَسَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ الْقَدَّاحِ وَمُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ الزِّنْجِيِّ لَكِنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْأَسَانِيدِ الْمُجْمَلَةِ لَا يَثْبُتُ بِهَا أَحْكَامٌ مُفَصَّلَةٌ تَنَازَعَ النَّاسُ فِيهَا. وَلَئِنْ جَازَ ذَلِكَ لَيَكُونَنَّ مَالِكٌ أَرْجَحَ مِنْ هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَرِيبُ عَاقِلٌ أَنَّ الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ الَّذِينَ كَانُوا بِالْمَدِينَةِ أَجَلُّ قَدْرًا وَأَعْلَمُ بِالسُّنَّةِ وَأَتْبَعُ لَهَا مِمَّنْ كَانَ بِالْكُوفَةِ وَمَكَّةَ وَالْبَصْرَةِ. وَقَدْ احْتَجَّ أَصْحَابُ مَالِكٍ عَلَى تَرْكِ الْجَهْرِ بِالْعَمَلِ الْمُسْتَمِرِّ بِالْمَدِينَةِ فَقَالُوا: هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute