للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ. وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَطَائِفَةٌ مِنْ هَؤُلَاءِ يُسَوِّي بَيْنَ قِرَاءَتِهَا وَتَرْكِ قِرَاءَتِهَا وَيُخَيِّرُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ مُعْتَقِدِينَ أَنَّ هَذَا عَلَى إحْدَى الْقِرَاءَتَيْنِ وَذَلِكَ عَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُخْرَى. ثُمَّ مَعَ قِرَاءَتِهَا هَلْ يُسَنُّ الْجَهْرُ أَوْ لَا يُسَنُّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: قِيلَ: يُسَنُّ الْجَهْرُ بِهَا كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ. قِيلَ: لَا يُسَنُّ الْجَهْرُ بِهَا كَمَا هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالرَّأْيِ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ. وَقِيلَ: يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا. كَمَا يُرْوَى عَنْ إسْحَاقَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَزْمٍ وَغَيْرِهِ. وَمَعَ هَذَا فَالصَّوَابُ أَنَّ مَا لَا يُجْهَرُ بِهِ قَدْ يُشْرَع الْجَهْرُ بِهِ لِمَصْلَحَةِ رَاجِحَةٍ فَيَشْرَعُ لِلْإِمَامِ أَحْيَانًا لِمِثْلِ تَعْلِيمِ الْمَأْمُومِينَ وَيَسُوغُ لِلْمُصَلِّينَ أَنْ يَجْهَرُوا بِالْكَلِمَاتِ الْيَسِيرَةِ أَحْيَانًا وَيَسُوغُ أَيْضًا أَنْ يَتْرُكَ الْإِنْسَانُ الْأَفْضَلَ لِتَأْلِيفِ الْقُلُوبِ وَاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ خَوْفًا مِنْ التَّنْفِيرِ عَمَّا يَصْلُحُ كَمَا تَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَاءَ الْبَيْتِ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ؛ لِكَوْنِ قُرَيْشٍ كَانُوا حَدِيثِي عَهْدٍ بِالْجَاهِلِيَّةِ وَخَشِيَ تَنْفِيرَهُمْ بِذَلِكَ