فِي الْجَهْرِ بِهَا حَدِيثًا وَاحِدًا؛ وَإِنَّمَا يَرْوِي أَمْثَالُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ مَنْ لَا يُمَيِّزُ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ: كَالثَّعْلَبِيِّ وَنَحْوِهِ وَكَبَعْضِ مَنْ صَنَّفَ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ كَمَا يَذْكُرُهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَقَدْ حَكَى الْقَوْلَ بِالْجَهْرِ عَنْ أَحْمَد وَغَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ مِنْ أَنَّهَا مِنْ الْفَاتِحَةِ فَيُجْهَرُ بِهَا كَمَا يُجْهَرُ بِسَائِرِ الْفَاتِحَةِ وَلَيْسَ هَذَا مَذْهَبَهُ بَلْ يُخَافِتُ بِهَا عِنْدَهُ. وَإِنْ قَالَ هِيَ مِنْ الْفَاتِحَةِ لَكِنْ يَجْهَرُ بِهَا عِنْدَهُ لِمَصْلَحَةِ رَاجِحَةٍ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ الْمُصَلُّونَ لَا يَقْرَءُونَهَا بِحَالِ فَيَجْهَرُ بِهَا لِيُعَلِّمَهُمْ أَنَّ قِرَاءَتَهَا سُنَّةٌ كَمَا جَهَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالْفَاتِحَةِ عَلَى الْجِنَازَةِ وَكَمَا جَهَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِالِاسْتِفْتَاحِ وَكَمَا نُقِلَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَرَأَ بِهَا ثُمَّ قَرَأَ بِأُمِّ الْكِتَابِ وَقَالَ: أَنَا أَشْبَهُكُمْ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ النَّسَائِي وَهُوَ أَجْوَدُ مَا احْتَجُّوا بِهِ. وَكَذَلِكَ فَسَّرَ بَعْضُ أَصْحَابِ أَحْمَد خِلَافَهُ أَنَّهُ كَانَ يَجْهَرُ بِهَا إذَا كَانَ الْمَأْمُومُونَ يُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ لَمْ يَجْهَرْ بِهَا وَأَمْثَالِ ذَلِكَ فَإِنَّ الْجَهْرَ بِهَا وَالْمُخَافَتَةَ سُنَّةٌ فَلَوْ جَهَرَ بِهَا الْمُخَافِتُ صَحَّتْ صَلَاتُهُ بِلَا رَيْبٍ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَد وَالْأَوْزَاعِي لَا يَرَوْنَ الْجَهْرَ؛ لَكِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقْرَؤُهَا سِرًّا: كَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَقْرَؤُهَا سِرًّا وَلَا جَهْرًا كَمَالِكِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute