للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَيْضًا: قَالَ أَهْلُ السُّنَّةِ فِي قَوْلِ اللَّهِ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} إنَّ الِاسْتِوَاءَ مِنْ اللَّهِ عَلَى عَرْشِهِ الْمَجِيدِ عَلَى الْحَقِيقَةِ لَا عَلَى الْمَجَازِ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرْطُبِيُّ صَاحِبُ التَّفْسِيرِ الْمَشْهُورِ فِي قَوْله تَعَالَى {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} قَالَ: هَذِهِ " مَسْأَلَةُ الِاسْتِوَاءِ " لِلْعُلَمَاءِ فِيهَا كَلَامٌ وَأَجْزَاءٌ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ فِيهَا فِي كِتَابِ " الْأَسْنَى فِي شَرْحِ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى " وَذَكَرْنَا فِيهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ قَوْلًا. إلَى أَنْ قَالَ: وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ الْأَوَّلُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَا يَقُولُونَ بِنَفْيِ الْجِهَةِ وَلَا يَنْطِقُونَ بِذَلِكَ بَلْ نَطَقُوا هُمْ وَالْكَافَّةُ بِإِثْبَاتِهَا لِلَّهِ تَعَالَى. كَمَا نَطَقَ بِهِ كِتَابُهُ وَأَخْبَرَتْ رُسُلُهُ. قَالَ: وَلَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ الصَّالِحِ أَنَّهُ اسْتَوَى عَلَى عَرْشِهِ حَقِيقَةً. وَخُصَّ الْعَرْشُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مَخْلُوقَاتِهِ، وَإِنَّمَا جَهِلُوا كَيْفِيَّةَ الِاسْتِوَاءِ: فَإِنَّهُ لَا تُعْلَمُ حَقِيقَتُهُ. كَمَا قَالَ مَالِكٌ " الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ " يَعْنِي فِي اللُّغَةِ وَالْكَيْفُ مَجْهُولٌ وَالسُّؤَالُ عَنْ هَذَا بِدْعَةٌ. وَكَذَا قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. وَقَالَ هَذَا الشَّيْخُ الْمَشْهُورُ بِمِصْرِ وَغَيْرِهَا فِي كِتَابِ " شَرْحِ الْأَسْمَاءِ " قَالَ: وَذَكَرَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَضْرَمِيُّ الْقَيْرَوَانِيُّ الَّذِي لَهُ الرِّسَالَةُ الَّتِي سَمَّاهَا " بِرِسَالَةِ الْأَسْمَاءِ إلَى مَسْأَلَةِ الِاسْتِوَاءِ " لَمَّا ذَكَرَ اخْتِلَافَ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي الِاسْتِوَاءِ - قَوْلَ " الطبري يَعْنِي أَبَا جَعْفَرٍ صَاحِبَ التَّفْسِيرِ الْكَبِير وَأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ، وَالْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ شُيُوخِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ. قَالَ: وَهُوَ ظَاهِرُ بَعْضِ كُتُبِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ " وَأَبِي الْحَسَنِ يَعْنِي