بِالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ وَبِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ بَلْ قَدْ ذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إلَى أَنَّ الدُّعَاءَ فِي آخِرِهَا وَاجِبٌ وَأَوْجَبُوا الدُّعَاءَ الَّذِي أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخِرَ الصَّلَاةِ بِقَوْلِهِ: {إذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ: مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَغَيْرُهُ وَكَانَ طَاوُوسٌ يَأْمُرُ مَنْ لَمْ يَدْعُ بِهِ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَصْحَابِ أَحْمَد وَكَذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: {ثُمَّ لِيَتَخَيَّر مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إلَيْهِ} وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو فِي هَذَا الْمَوْطِنِ وَالْأَحَادِيثُ بِذَلِكَ كَثِيرَةٌ. وَالْمُنَاسَبَةُ الِاعْتِبَارِيَّةُ فِيهِ ظَاهِرَةٌ فَإِنَّ الْمُصَلِّيَ يُنَاجِي رَبَّهُ فَمَا دَامَ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَنْصَرِفْ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ فَالدُّعَاءُ حِينَئِذٍ مُنَاسِبٌ لِحَالِهِ أَمَّا إذَا انْصَرَفَ إلَى النَّاسِ مِنْ مُنَاجَاةِ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ مَوْطِنَ مُنَاجَاةٍ لَهُ وَدُعَاءٍ. وَإِنَّمَا هُوَ مَوْطِنُ ذِكْرٍ لَهُ وَثَنَاءٍ عَلَيْهِ فَالْمُنَاجَاةُ وَالدُّعَاءُ حِينَ الْإِقْبَالِ وَالتَّوَجُّهِ إلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ. أَمَّا حَالُ الِانْصِرَافِ مِنْ ذَلِكَ فَالثَّنَاءُ وَالذِّكْرُ أَوْلَى. وَكَمَا أَنَّ مِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ اسْتَحَبَّ عَقِبَ الصَّلَاةِ مِنْ الدُّعَاءِ مَا لَمْ تَرِدْ بِهِ السُّنَّةُ: فَمِنْهُمْ طَائِفَةٌ تُقَابِلُ هَذِهِ لَا يَسْتَحِبُّونَ الْقُعُودَ الْمَشْرُوعَ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَلَا يَسْتَعْمِلُونَ الذِّكْرَ الْمَأْثُورَ بَلْ قَدْ يَكْرَهُونَ ذَلِكَ وَيَنْهَوْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute