للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصَّلَاةَ} وَإِقَامَتُهَا: تَتَضَمَّنُ إتْمَامَهَا بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ كَمَا سَيَأْتِي فِي حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: {أَقِيمُوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ بَعْدِ ظَهْرِي} وَفِي رِوَايَةٍ. {أَتِمُّوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ} وَسَيَأْتِي تَقْرِيرُ دَلَالَةِ ذَلِكَ. وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْقُرْآنِ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَالَ: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} فَأَبَاحَ اللَّهُ الْقَصْرَ مِنْ عَدَدِهَا وَالْقَصْرَ مِنْ صِفَتِهَا؛ وَلِهَذَا عَلَّقَهُ بِشَرْطَيْنِ السَّفَرِ وَالْخَوْفِ. فَالسَّفَرُ: يُبِيحُ قَصْرَ الْعَدَدِ فَقَطْ. كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ} وَلِهَذَا كَانَتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَوَاتِرَةُ عَنْهُ الَّتِي اتَّفَقَتْ الْأُمَّةُ عَلَى نَقْلِهَا عَنْهُ {أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الرُّبَاعِيَّةَ فِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ} وَلَمْ يُصَلِّهَا فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا قَطُّ وَلَا أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَا فِي الْحَجِّ وَلَا فِي الْعُمْرَةِ وَلَا فِي الْجِهَادِ. وَالْخَوْفُ يُبِيحُ قَصْرَ صِفَتِهَا كَمَا قَالَ اللَّهُ فِي تَمَامِ الْكَلَامِ: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ} فَذَكَرَ صَلَاةَ الْخَوْفِ وَهِيَ صَلَاةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ إذْ كَانَ الْعَدُوُّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ. وَكَانَ فِيهَا