للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمِنْ صِفَتِهَا بِحَسَبِ مَا جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ. وَذَلِكَ أَيْضًا مُقَدَّرٌ عِنْدَ الْعُذْرِ كَمَا هُوَ مُقَدَّرٌ عِنْدَ غَيْرِ الْعُذْرِ. وَلِهَذَا فَلَيْسَ لِلْجَامِعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ أَنْ يُؤَخِّرَ صَلَاةَ النَّهَارِ إلَى اللَّيْلِ أَوْ صَلَاةَ اللَّيْلِ إلَى النَّهَارِ وَصَلَاتَا النَّهَارِ: الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَصَلَاتَا اللَّيْلِ: الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ. وَكَذَلِكَ أَصْحَابُ الْأَعْذَارِ الَّذِينَ يُنْقِصُونَ مِنْ عَدَدِهَا وَصِفَتِهَا وَهُوَ مَوْقُوتٌ مَحْدُودٌ. وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْأَفْعَالُ مَحْدُودَةَ الِابْتِدَاءِ وَالِانْتِهَاءِ. فَالْقِيَامُ مَحْدُودٌ بِالِانْتِصَابِ بِحَيْثُ لَوْ خَرَجَ عَنْ حَدِّ الْمُنْتَصِبِ إلَى حَدِّ الْمُنْحَنِي الرَّاكِعِ بِاخْتِيَارِهِ: لَمْ يَكُنْ قَدْ أَتَى بِحَدِّ الْقِيَامِ. وَمِنْ الْمَعْلُومِ: أَنَّ ذِكْرَ الْقِيَامِ - الَّذِي هُوَ الْقِرَاءَةُ - أَفْضَلُ مَنْ ذِكْرِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ؛ وَلَكِنْ نَفْسُ عَمَلِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَفْضَلُ مِنْ عَمَلِ الْقِيَامِ؛ وَلِهَذَا كَانَ عِبَادَةً بِنَفْسِهِ. وَلَمْ يَصِحَّ فِي شَرْعِنَا إلَّا لِلَّهِ بِوَجْهِ مِنْ الْوُجُوهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَدِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ مُقَدَّرَةٌ مَحْدُودَةٌ بِقَدْرِ التَّمَكُّنِ مِنْهَا. فَالسَّاجِدُ: عَلَيْهِ أَنْ يَصِلَ إلَى الْأَرْضِ وَهُوَ غَايَةُ التَّمَكُّنِ لَيْسَ لَهُ غَايَةٌ دُونَ ذَلِكَ إلَّا لِعُذْرِ وَهُوَ مِنْ حِينِ انْحِنَائِهِ أَخَذَ فِي السُّجُودِ سَوَاءٌ سَجَدَ مِنْ قِيَامٍ أَوْ مِنْ قُعُودٍ. فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ السُّجُودِ مُقَدَّرًا بِذَلِكَ بِحَيْثُ يَسْجُدُ مِنْ قِيَامٍ أَوْ قُعُودٍ لَا