للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَأَنَا أَبْذُلُ غَايَةَ مَا وَسِعَنِي مِنْ الْإِحْسَانِ، وَتَرْكِ الِانْتِقَامِ، وَتَأْلِيفِ الْقُلُوبِ، لَكِنْ هُوَ يَعْرِفُ خَلْقًا كَثِيرًا مِمَّنْ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَنْجُو مِنْ شَرِّهِمْ وَظُلْمِهِمْ إلَّا بِأَخْذِ طَرِيقَيْنِ: أَحَدُهُمَا مُسْتَقِرٌّ، وَالْآخَرُ مُتَقَلِّبٌ. (الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنْ اللَّهِ تَأْيِيدٌ وَسُلْطَانٌ وَالْتِجَاءٌ إلَيْهِ وَاسْتِعَانَةٌ بِهِ وَتَوَكُّلٌ عَلَيْهِ وَاسْتِغْفَارٌ لَهُ وَطَاعَةٌ لَهُ: يَدْفَعُ بِهِ عَنْهُ شَرَّ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ. وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الثَّابِتَةُ الْبَاقِيَةُ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: إنْ جَاءَ مِنْ ذِي جَاهٍ، فَإِنَّهُمْ يُرَاعُونَ ذَا الْجَاهِ مَا دَامَ جَاهُهُ قَائِمًا فَإِذَا انْقَلَبَ جَاهُهُ كَانُوا مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ قِيَامًا عَلَيْهِ هُمْ بِأَعْيَانِهِمْ، حَتَّى إنَّهُمْ قَدْ يَضْرِبُونَ الْقَاضِي بِالْمَقَارِعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَكَادُ يُعْرَفُ لِغَيْرِهِمْ أَعْدَاؤُهُ وَمُبْغِضُوهُ كَثِيرُونَ وَقَدْ دَخَلَ فِي إثْبَاتَاتٍ وَأَمْلَاكٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مُتَعَلِّقَةٍ بِالدَّوْلَةِ وَغَيْرِ الدَّوْلَةِ. فَلَوْ حَصَلَ مِنْ ذَوِي الْجَاهِ مَنْ لَهُ غَرَضٌ فِي نَقْضِ أَحْكَامِهِ وَنَقْلِ الْأَمْلَاكِ كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَيْسَرِ الْأُمُورِ عَلَيْهِ: أَمَّا أَنْ يَكْتُبَ رِدَّتَهُ، وَأَحْكَامُ الْمُرْتَدِّ لَا تَنْفُذُ لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ مِنْهُ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ أَنَّهُ جَعَلَ مَا فَعَلَ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ شَرْعَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْإِنْسَانُ مَتَى حَلَّلَ الْحَرَامَ - الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ - أَوْ حَرَّمَ الْحَلَالَ - الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ - أَوْ بَدَّلَ الشَّرْعَ - الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ - كَانَ كَافِرًا مُرْتَدًّا بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ. وَفِي مِثْلِ هَذَا