للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَهَاهُ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ الْكَلَامِ وَالْعَمَلِ لَهُ مُنْفَرِدًا فَكَيْفَ يَكُونُ حَالُ الْمُصَلِّي نَفْسِهِ فِي ذَلِكَ الْمَشْيِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؟ فَإِذَا كَانَ مَنْهِيًّا عَنْ السُّرْعَةِ وَالْعَجَلَةِ فِي الْمَشْيِ مَأْمُورًا بِالسَّكِينَةِ وَإِنْ فَاتَهُ بَعْضُ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يُصَلِّيَ قَاضِيًا لَهُ فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَأْمُورًا بِالسَّكِينَةِ فِيهَا. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ: أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَمَرَ فِي كِتَابِهِ بِالسَّكِينَةِ وَالْقَصْدِ فِي الْحَرَكَةِ وَالْمَشْيِ مُطْلَقًا فَقَالَ: {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} . قَالَ الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ: " بِسَكِينَةِ وَوَقَارٍ " فَأَخْبَرَ أَنَّ عِبَادَ الرَّحْمَنِ هُمْ هَؤُلَاءِ. فَإِذَا كَانَ مَأْمُورًا بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ فِي الْأَفْعَالِ الْعَادِيَّةِ الَّتِي هِيَ مِنْ جِنْسِ الْحَرَكَةِ فَكَيْفَ الْأَفْعَالُ الْعِبَادِيَّةُ؟ ثُمَّ كَيْفَ بِمَا هُوَ فِيهَا مَنْ جِنْسِ السُّكُونِ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ؟ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَدِلَّةَ تَقْتَضِي السِّكِّينَةَ فِي الِانْتِقَالِ؛ كَالرَّفْعِ وَالْخَفْضِ وَالنُّهُوضِ وَالِانْحِطَاطِ. وَأَمَّا نَفْسُ الْأَفْعَالِ الَّتِي هِيَ الْمَقْصُودُ بِالِانْتِقَالِ كَالرُّكُوعِ نَفْسِهِ وَالسُّجُودِ نَفْسِهِ وَالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ أَنْفُسِهِمَا - وَهَذِهِ هِيَ مِنْ نَفْسِهَا سُكُونٌ - فَمَنْ لَمْ يَسْكُنْ فِيهَا لَمْ يَأْتِ بِهَا وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَهْوَى إلَى الْقُعُودِ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ كَمَنْ مَدَّ يَدَهُ إلَى الطَّعَامِ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ أَوْ وَضَعَهُ عَلَى فِيهِ وَلَمْ يَطْعَمْهُ. وَأَيْضًا: فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فِي الْكِتَابِ