السَّلَفَ مَا كَانُوا يُكَبِّرُونَ فِي الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ. وَجُعِلَ ذَلِكَ حُجَّةٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبِ لِأَنَّهُمْ لَا يُقِرُّونَ الْأُمَّةَ عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ حَتَّى إنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ " أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ إذَا صَلَّى وَحْدَهُ فِي الْفَرْضِ وَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَلَا " قَالَ أَبُو عُمَرَ: لَا يَحْكِي أَحْمَد عَنْ ابْنِ عُمَرَ إلَّا مَا صَحَّ عِنْدَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ. قَالَ: وَأَمَّا رِوَايَةُ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ " أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ فِي الصَّلَاةِ كُلَّمَا خَفَضَ وَرَفَعَ فَيَدُلُّ ظَاهِرُهَا: عَلَى أَنَّهُ كَذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ إمَامًا وَغَيْرَ إمَامٍ. قُلْت: مَا رَوَى مَالِكٌ لَا رَيْبَ فِيهِ. وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ أَحْمَد لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَلَكِنْ غَلِطَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِيمَا فَهِمَ مِنْ كَلَامٍ أَحْمَد. فَإِنَّ كَلَامَهُ إنَّمَا كَانَ فِي التَّكْبِيرِ دُبُرَ الصَّلَاةِ أَيَّامَ الْعِيدِ الْأَكْبَرِ لَمْ يَكُنْ التَّكْبِيرُ فِي الصَّلَاةِ وَلِهَذَا فَرَّقَ أَحْمَد بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ فَقَالَ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُكَبِّرَ فِي الْفَرْضِ دُونَ النَّفْلِ. وَلَمْ يَكُنْ أَحْمَد وَلَا غَيْرُهُ يُفَرِّقُونَ فِي تَكْبِيرِ الصَّلَاةِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ: بَلْ ظَاهِرُ مَذْهَبِهِ: أَنَّ تَكْبِيرَ الصَّلَاةِ وَاجِبٌ فِي النَّفْلِ كَمَا أَنَّهُ وَاجِبٌ فِي الْفَرْضِ. وَإِنْ قِيلَ: هُوَ سُنَّةٌ فِي الْفَرْضِ قِيلَ: هُوَ سُنَّةٌ فِي النَّفْلِ. فَأَمَّا التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا فَلَيْسَ قَوْلًا لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ. وَأَمَّا الَّذِي ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي تَكْبِيرِهِ دُبُرَ الصَّلَاةِ إذَا كَانَ مُنْفَرِدًا:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute