للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ مِنْ أَصَحِّ الْأَحَادِيثِ. وَقَدْ ثَبَتَ فِيهَا أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ تَارَةً بِالْأَعْرَافِ وَتَارَةً بِالطُّورِ وَتَارَةً بِالْمُرْسَلَاتِ مَعَ اتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي الْمَغْرِبِ سُنَّتُهَا أَنْ يَكُونَ أَقْصَرَ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي الْفَجْرِ. فَكَيْفَ تَكُونُ الْقِرَاءَةُ فِي الْفَجْرِ وَغَيْرِهَا؟ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ مَا رَوَى وَكِيعٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِي قَالَ: كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ يُطِيلُ الْقِيَامَ بِقَدْرِ الرُّكُوعِ فَكَانُوا يَعِيبُونَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ". قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ: الْعَيْبُ عَلَى مَنْ عَابَ عَمَلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَوَّلَ عَلَى مَنْ لَا حُجَّةَ فِيهِ. قُلْت: قَدْ تَقَدَّمَ فِعْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ الَّذِي فِي الصَّحِيحِ وَمُوَافَقَتُهُ لِفِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ عَابُوا عَلَيْهِ كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ الَّذِينَ فِي زَمَنِ الْحَجَّاجِ وَفِتْنَةِ ابْنِ الْأَشْعَثِ لَمْ يَكُونُوا مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا عُرِفَ أَنَّهُمْ مِنْ أَعْيَانِ التَّابِعِينَ. وَإِنْ كَانَ قَدْ يَكُونُ فِيهِمْ مَنْ أَدْرَكَ ابْنَ مَسْعُودٍ فَابْنُ بْنِ مَسْعُودٍ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْإِمَامَ الرَّاتِبَ فِي زَمَنِهِ بَلْ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ كَانَ غَيْرَهُ وَابْنُ بْنِ مَسْعُودٍ أَقْرَبُ إلَى مُتَابَعَةِ أَبِيهِ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَجْهُولِينَ. فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَنْكَرُوا عَلَى أَبِي عُبَيْدَةَ إنَّمَا أَنْكَرُوا عَلَيْهِ لِمُخَالَفَتِهِ الْعَادَةَ