للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضَرَبَ اللَّهُ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِهِ وَقَلْبِهِ وَهُوَ الْمُحَدِّثُ الْمُلْهَمُ فَلَا يُنْكَرُ لِمَثَلِهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَعَ تَدْبِيرِهِ جَيْشَهُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ الْحُضُورِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِ لَكِنْ لَا رَيْبَ أَنَّ حُضُورَهُ مَعَ عَدَمِ ذَلِكَ يَكُونُ أَقْوَى وَلَا رَيْبَ أَنَّ صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَالَ أَمْنِهِ كَانَتْ أَكْمَلَ مِنْ صَلَاتِهِ حَالَ الْخَوْفِ فِي الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ فَإِذَا كَانَ اللَّهُ قَدْ عَفَا حَالَ الْخَوْفِ عَنْ بَعْضِ الْوَاجِبَاتِ الظَّاهِرَةِ فَكَيْفَ بِالْبَاطِنَةِ. وَبِالْجُمْلَةِ فَتَفَكُّرُ الْمُصَلِّي فِي الصَّلَاةِ فِي أَمْرٍ يَجِبُ عَلَيْهِ قَدْ يُضَيِّقُ وَقْتَهُ لَيْسَ كَتَفَكُّرِهِ فِيمَا لَيْسَ بِوَاجِبِ أَوْ فِيمَا لَمْ يَضِقْ وَقْتُهُ وَقَدْ يَكُونُ عُمَرُ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّفَكُّرُ فِي تَدْبِيرِ الْجَيْشِ إلَّا فِي تِلْكَ الْحَالِ وَهُوَ إمَامُ الْأُمَّةِ وَالْوَارِدَاتُ عَلَيْهِ كَثِيرَةٌ. وَمِثْلُ هَذَا يَعْرِضُ لِكُلِّ أَحَدٍ بِحَسَبِ مَرْتَبَتِهِ وَالْإِنْسَانُ دَائِمًا يَذْكُرُ فِي الصَّلَاةِ مَا لَا يَذْكُرُهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَكُونُ مِنْ الشَّيْطَانِ كَمَا يَذْكُرُ أَنَّ بَعْضَ السَّلَفِ ذَكَرَ لَهُ رَجُلٌ أَنَّهُ دَفَنَ مَالًا وَقَدْ نَسِيَ مَوْضِعَهُ فَقَالَ: قُمْ فَصَلِّ فَقَامَ فَصَلَّى فَذَكَرَهُ فَقِيلَ لَهُ: مِنْ أَيْنَ عَلِمْت ذَلِكَ؟ قَالَ: عَلِمْت أَنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَدَعُهُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى يُذَكِّرَهُ بِمَا يَشْغَلُهُ وَلَا أَهَمَّ عِنْدَهُ مِنْ ذِكْرِ مَوْضِعِ الدَّفْنِ. لَكِنَّ الْعَبْدَ الْكَيِّسَ يَجْتَهِدُ فِي كَمَالِ الْحُضُورِ مَعَ كَمَالِ فِعْلِ بَقِيَّةِ الْمَأْمُورِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.