لَمْ تَبْطُلْ قَالُوا: لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى ذَلِكَ كَثِيرًا فَرَخَّصَ فِيهِ لِلْحَاجَةِ. وَمَنْ أَبْطَلَهَا قَالَ: إنَّهُ يَتَضَمَّنُ حَرْفَيْنِ وَلَيْسَ مِنْ جِنْسِ أَذْكَارِ الصَّلَاةِ فَأَشْبَهَ الْقَهْقَهَةَ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا حَرَّمَ التَّكَلُّمَ فِي الصَّلَاةِ وَقَالَ: {إنَّهُ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ} وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تَتَنَاوَلُ الْكَلَامَ. وَالنَّحْنَحَةَ لَا تَدْخُلُ فِي مُسَمَّى الْكَلَامِ أَصْلًا فَإِنَّهَا لَا تَدُلُّ بِنَفْسِهَا وَلَا مَعَ غَيْرِهَا مِنْ الْأَلْفَاظِ عَلَى مَعْنًى وَلَا يُسَمَّى فَاعِلُهَا مُتَكَلِّمًا وَإِنَّمَا يُفْهَمُ مُرَادُهُ بِقَرِينَةٍ فَصَارَتْ كَالْإِشَارَةِ.
وَأَمَّا الْقَهْقَهَةُ وَنَحْوُهَا فَفِيهَا جَوَابَانِ:
أَحَدُهُمَا أَنْ تَدُلَّ عَلَى مَعْنَى بِالطَّبْعِ.
وَالثَّانِي أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ تِلْكَ أَبْطَلَتْ لِأَجْلِ كَوْنِهَا كَلَامًا. يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْقَهْقَهَةَ تُبْطِلُ بِالْإِجْمَاعِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ. وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ فِيهَا نِزَاعٌ بَلْ قَدْ يُقَالُ: إنَّ الْقَهْقَهَةَ فِيهَا أَصْوَاتٌ عَالِيَةٌ تُنَافِي حَالَ الصَّلَاةِ وَتُنَافِي الْخُشُوعَ الْوَاجِبَ فِي الصَّلَاةِ فَهِيَ كَالصَّوْتِ الْعَالِي الْمُمْتَدِّ الَّذِي لَا حَرْفَ مَعَهُ. وَأَيْضًا فَإِنَّ فِيهَا مِنْ الِاسْتِخْفَافِ بِالصَّلَاةِ وَالتَّلَاعُبِ بِهَا مَا يُنَاقِضُ مَقْصُودَهَا فَأَبْطَلَتْ لِذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute