للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي نَفْيِ الْإِيجَابِ وَالتَّحْرِيمِ فَهَذَا بِاتِّفَاقِ النَّاسِ أَضْعَفُ الْأَدِلَّةِ وَلَا يَجُوزُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ إلَّا بَعْدَ الْبَحْثِ التَّامِّ: هَلْ أَدِلَّةُ الشَّرْعِ مَا تَقْتَضِي الْإِيجَابَ أَوْ التَّحْرِيمَ؟ . وَمِنْ النَّاسِ مَنْ لَا يُجَوِّزُ التَّمَسُّكَ بِهِ فِي نَفْيِ الْحُكْمِ بَلْ فِي دَفْعِ الْخَصْمِ وَمَنْعِهِ فَيَقُولُ: أَنَا لَا أُثْبِتُ الْإِيجَابَ وَلَا أَنْفِيهِ بَلْ أُطَالِبُ مَنْ يُثْبِتُهُ بِالدَّلِيلِ أَوْ أَمْنَعُهُ أَوْ أَدْفَعُهُ عَنْ إثْبَاتِ إيجَابٍ بِلَا دَلِيلٍ كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ مَنْ يَقُولُهُ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ. وَأَمَّا. أَهْلُ الظَّاهِرِ فَهُوَ عُمْدَتُهُمْ لَكِنْ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ الْإِخْبَارُ بِانْتِفَاءِ الْأَشْيَاءِ وَعَدَمِ وُجُودِهَا: بِمُجَرَّدِ هَذَا الِاسْتِصْحَابِ مِنْ غَيْرِ اسْتِدْلَالٍ بِمَا يَقْتَضِي عَدَمَهَا وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ كَاذِبًا مُتَكَلِّمًا بِلَا عِلْمٍ وَذَلِكَ لِكَثْرَةِ مَا يُوجَدُ فِي الْعَالَمِ وَالْإِنْسَانُ لَا يَعْرِفُهُ فَعَدَمُ عِلْمِهِ لَيْسَ عِلْمًا بِالْعَدَمِ وَلَا مُجَرَّدُ كَوْنِ الْأَصْلِ عَدَمَ الْحَوَادِثِ يُفِيدُ الْعِلْمَ بِانْتِفَاءِ شَيْءٍ مِنْهَا إلَّا بِدَلِيلِ يَدُلُّ عَلَى النَّفْيِ؛ لَكِنْ الِاسْتِصْحَابُ يُرَجَّحُ بِهِ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَمَا دَلَّ عَلَى الْإِثْبَاتِ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَدِلَّةِ فَهُوَ رَاجِحٌ عَلَى مُجَرَّدِ اسْتِصْحَابِ النَّفْيِ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي أُمِرَ الْمُصَلِّي أَنْ يَتَحَرَّاهُ فَإِنَّ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى أَرْبَعًا مِنْ أَنْوَاعِ الْأَدِلَّةِ رَاجِحٌ عَلَى اسْتِصْحَابِ عَدَمِ الصَّلَاةِ وَهَذَا حَقِيقَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.