وَأَمَّا إذَا شَكَّ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ الرَّاجِحُ فَهُنَا إمَّا أَنْ يَكُونَ صَلَّى أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا فَالسَّجْدَتَانِ يَشْفَعَانِ لَهُ صَلَاتَهُ لِيَكُونَ كَأَنَّهُ قَدْ صَلَّى سِتًّا لَا خَمْسًا وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ قَبْلَ السَّلَامِ وَمَالِكٌ هُنَا يَقُولُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ. فَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي نَصَرْنَاهُ هُوَ الَّذِي يُسْتَعْمَلُ فِيهِ جَمِيعُ الْأَحَادِيثِ لَا يُتْرَكُ مِنْهَا حَدِيثٌ مَعَ اسْتِعْمَالِ الْقِيَاسِ الصَّحِيحِ فِيمَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ وَإِلْحَاقُ مَا لَيْسَ بِمَنْصُوصِ بِمَا يُشْبِهُهُ مِنْ الْمَنْصُوصِ. وَمِمَّا يُوَضِّحُ هَذَا أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعَ السَّلَامِ سَهْوٌ سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ فَيُقَالُ: إذَا زَادَ غَيْرَ السَّلَامِ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ كَرَكْعَةِ سَاهِيًا أَوْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ سَاهِيًا فَهَذِهِ زِيَادَةٌ لَوْ تَعَمَّدَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَالسَّلَامِ فَإِلْحَاقُهَا بِالسَّلَامِ أَوْلَى مِنْ إلْحَاقِهَا بِمَا إذَا تَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ أَوْ شَكَّ وَبَنَى عَلَى الْيَقِينِ. وَقَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّ السُّجُودَ مِنْ شَأْنِ الصَّلَاةِ فَيَقْضِيهِ قَبْلَ السَّلَامِ يُقَالُ لَهُ: لَوْ كَانَ هَذَا صَحِيحًا لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ كُلُّهُ قَبْلَ السَّلَامِ فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ بَعْضَهُ بَعْدَ السَّلَامِ عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ جِنْسُهُ مِنْ شَأْنِ الصَّلَاةِ الَّذِي يَقْضِيهِ قَبْلَ السَّلَامِ. وَهَذَا مُعَارَضٌ بِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ: السُّجُودُ لَيْسَ مِنْ مُوجِبِ تَحْرِيمِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ التَّحْرِيمَ إنَّمَا أَوْجَبَ الصَّلَاةَ السَّلِيمَةَ وَهَذِهِ الْأُمُورُ دَعَاوَى لَا يَقُومُ عَلَيْهَا دَلِيلٌ؛ بَلْ يُقَالُ التَّحْرِيمُ أَوْجَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute