للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَالصَّلَاةُ نَفْسُهَا إذَا نَسِيَهَا صَلَّاهَا إذَا ذَكَرَهَا لَا كَفَّارَةَ لَهَا إلَّا ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ إذَا نَسِيَ طَهَارَتَهَا كَمَا أَمَرَ الَّذِي تَرَكَ مَوْضِعَ لُمْعَةٍ مِنْ قَدَمِهِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ. وَكَذَلِكَ إذَا نَسِيَ رَكْعَةً. كَمَا فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ فِعْلِ مَا نَسِيَهُ إمَّا مَضْمُومًا إلَى مَا صَلَّى وَإِمَّا أَنْ يَبْتَدِئَ الصَّلَاةَ. فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ فِيهَا كُلُّهَا يَأْمُرُ السَّاهِيَ بِسَجْدَتَيْ السَّهْوِ وَهُوَ لَمَّا سَهَا عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ سَجَدَهُمَا بِالْمُسْلِمِينَ قَبْلَ السَّلَامِ وَلَمَّا سَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ مِنْ ثَلَاثٍ صَلَّى مَا بَقِيَ وَسَجَدَهُمَا بِالْمُسْلِمِينَ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَلَمَّا أَذْكَرُوهُ أَنَّهُ صَلَّى خَمْسًا سَجَدَهُمَا بَعْدَ السَّلَامِ وَالْكَلَامِ. وَهَذَا يَقْتَضِي مُدَاوَمَتَهُ عَلَيْهِمَا وَتَوْكِيدَهُمَا وَأَنَّهُ لَمْ يَدَعْهُمَا فِي السَّهْوِ الْمُقْتَضِي لَهَا قَطُّ وَهَذِهِ دَلَائِلُ بَيِّنَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى وُجُوبِهِمَا وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَد وَأَبِي حَنِيفَةَ وَلَيْسَ مَعَ مَنْ لَمْ يُوجِبْهُمَا حُجَّةٌ تُقَارِبُ ذَلِكَ. وَالشَّافِعِيُّ إنَّمَا لَمْ يُوجِبْهُمَا لِأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ فِي الصَّلَاةِ وَاجِبٌ تَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَ تَرْكِهِ لَا عَمْدًا وَلَا سَهْوًا وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ الثَّلَاثَةِ وَغَيْرِهِمْ يَجْعَلُونَ مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ مَا لَا يُبْطِلُ تَرْكُهُ الصَّلَاةَ لَكِنْ مَالِكٌ وَأَحْمَد وَغَيْرُهُمَا يَقُولُونَ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِعُمَدِهِ وَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ وَيَجِبُ بِتَرْكِهِ سَهْوًا سُجُودُ السَّهْوِ. وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: إذَا تَرَكَهُ عَمْدًا كَانَ مُسِيئًا