وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ يُذْكَرُ فِي الْأَصْلِ الثَّانِي وَهُوَ: أَنَّ الْعَمَلَ الْمَفْضُولَ قَدْ يَقْتَرِنُ بِهِ مَا يُصَيِّرُهُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا مَا هُوَ مَشْرُوعٌ لِجَمِيعِ النَّاسِ. وَالثَّانِي مَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَمِثْلُ أَنْ يَقْتَرِنَ إمَّا بِزَمَانِ أَوْ بِمَكَانِ أَوْ عَمَلٍ يَكُونُ أَفْضَلَ: مِثْلَ مَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ أَوْقَاتِ النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ؛ فَإِنَّ الْقِرَاءَةَ وَالذِّكْرَ وَالدُّعَاءَ أَفْضَلُ فِي هَذَا الزَّمَانِ وَكَذَلِكَ الْأَمْكِنَةُ الَّتِي نُهِيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا: كَالْحَمَّامِ وَأَعْطَانِ الْإِبِلِ وَالْمَقْبَرَةِ فَالذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ فِيهَا أَفْضَلُ وَكَذَلِكَ الْجُنُبُ: الذِّكْرُ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ وَالْمُحْدِثُ: الْقِرَاءَةُ وَالذِّكْرُ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ فَإِذَا كُرِهَ الْأَفْضَلُ فِي حَالِ حُصُولِ مَفْسَدَةٍ كَانَ الْمَفْضُولُ. هُنَاكَ أَفْضَلَ؛ بَلْ هُوَ الْمَشْرُوعُ. وَكَذَلِكَ حَالُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَإِنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {نُهِيت أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا أَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ} . وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَتَنَازَعُوا فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ هُمَا وَجْهَانِ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَد وَذَلِكَ تَشْرِيفًا لِلْقُرْآنِ وَتَعْظِيمًا لَهُ أَنْ لَا يُقْرَأَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute