للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَكْعَتَيْنِ أَطَالَ فِيهِمَا الْقِيَامَ وَالرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ وَجَعَلَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قِيَامَيْنِ وَرُكُوعَيْنِ وَعَلَى هَذَا فَكَثْرَةُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَفْضَلُ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ تَطْوِيلُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ. وَأَمَّا إذَا أَطَالَ الْقِيَامَ وَالرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فَهَذَا أَفْضَلُ مِنْ إطَالَةِ الْقِيَامِ فَقَطْ وَأَفْضَلُ مِنْ تَكْثِيرِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقِيَامِ بِقَدْرِ ذَلِكَ. وَالْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ فِي الْوَقْتِ الْوَاحِدِ: كَثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِهِ أَوْ سُدُسِهِ أَوْ السَّاعَةِ. هَلْ هَذَا أَفْضَلُ مِنْ هَذَا أَوْ هَذَا أَفْضَلُ مِنْ هَذَا. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ {أُمِّ هَانِئٍ لَمَّا صَلَّى الثَّمَانِي رَكَعَاتٍ يَوْمَ الْفَتْحِ قَالَتْ: مَا رَأَيْته صَلَّى صَلَاةً قَطُّ أَخَفَّ مِنْهَا غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ} " وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمِ {ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ ثَمَانِي رَكَعَاتٍ لَا أَدْرِي أَقِيَامُهُ فِيهَا أَطْوَلُ أَمْ رُكُوعُهُ أَمْ سُجُودُهُ كُلُّ ذَلِكَ مُتَقَارِبٌ} " فَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ طَوَّلَ الرُّكُوعَ، وَالسُّجُودَ قَرِيبًا مِنْ الْقِيَامِ وَأَنَّ قَوْلَهَا: {لَمْ أَرَهُ صَلَّى صَلَاةً أَخَفّ مِنْهَا} إخْبَارٌ مِنْهَا عَمَّا رَأَتْهُ وَأُمُّ هَانِئٍ لَمْ تَكُنْ مُبَاشِرَةً لَهُ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَلَعَلَّهَا أَرَادَتْ مَنْعَ كَثْرَةِ الرَّكَعَاتِ فَإِنَّهُ لَمْ يُصَلِّ ثَمَانِيًا جَمِيعًا أَخَفَّ مِنْهَا فَإِنَّ صَلَاتَهُ بِاللَّيْلِ كَانَتْ أَطْوَلَ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ بِالنَّهَارِ لَمْ يُصَلِّ ثَمَانِيًا مُتَّصِلَةً قَطُّ؛ بَلْ إنَّمَا كَانَ يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ وَالظُّهْرَ كَانَ يُصَلِّي بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ وَقَبْلَهَا أَرْبَعًا أَوْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ لَعَلَّهُ خَفَّفَهَا لِضِيقِ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ صَلَّاهَا بِالنَّهَارِ وَهُوَ مُشْتَغِلٌ بِأُمُورِ فَتْحِ مَكَّةَ