وَسَجْدَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ} ": أَيْ رَكْعَتَيْنِ. وَلَعَلَّ بَعْضَ النَّاسِ يَقُولُ: هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ اللَّتَانِ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الْوِتْرِ جَالِسًا نِسْبَتُهَا إلَى وِتْرِ اللَّيْلِ: نِسْبَةُ رَكْعَتَيْ الْمَغْرِبِ إلَى وِتْرِ النَّهَارِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {الْمَغْرِبُ وِتْرُ النَّهَارِ. فَأَوْتِرُوا صَلَاةَ اللَّيْلِ} " رَوَاهُ أَحْمَد فِي الْمُسْنَدِ. فَإِذَا كَانَتْ الْمَغْرِبُ وِتْرَ النَّهَارِ فَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بَعْدَ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَخْرُجْ الْمَغْرِبُ بِذَلِكَ عَنْ أَنْ يَكُونَ وِتْرًا لِأَنَّ تِلْكَ الرَّكْعَتَيْنِ هُمَا تَكْمِيلُ الْفَرْضِ وَجَبْرٌ لِمَا يَحْصُلُ مِنْهُ مِنْ سَهْوٍ وَنَقْصٍ كَمَا جَاءَتْ السُّنَنُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إنَّ الْعَبْدَ لَيَنْصَرِفُ مِنْ صَلَاتِهِ وَلَمْ يُكْتَبْ لَهُ مِنْهَا إلَّا نِصْفُهَا إلَّا ثُلُثُهَا إلَّا رُبُعُهَا إلَّا خُمُسُهَا حَتَّى قَالَ إلَّا عُشْرُهَا} " فَشُرِعَتْ السُّنَنُ جَبْرًا لِنَقْصِ الْفَرَائِضِ. فَالرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ لَمَّا كَانَتَا جَبْرًا لِلْفَرْضِ لَمْ يُخْرِجْهَا عَنْ كَوْنِهَا وِتْرًا كَمَا لَوْ سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ فَكَذَلِكَ وِتْرُ اللَّيْلِ جَبَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهُ. وَلِهَذَا كَانَ يُجْبِرُهُ إذَا أَوْتَرَ بِتِسْعِ أَوْ سَبْعٍ أَوْ خَمْسٍ لِنَقْصِ عَدَدِهِ عَنْ إحْدَى عَشْرَةَ. فَهُنَا نَقْصُ الْعَدَدِ نَقْصٌ ظَاهِرٌ. وَإِنْ كَانَ يُصَلِّيهِمَا إذَا أَوْتَرَ بِإِحْدَى عَشْرَةَ كَانَ هُنَاكَ جَبْرًا لِصِفَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute