للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَنْ قَالَ: الْمَتْرُوكُ هُوَ الدُّعَاءُ عَلَى أُولَئِكَ الْكُفَّارِ فَلَمْ تَبْلُغْهُ أَلْفَاظُ الْحَدِيثِ أَوْ بَلَغَتْهُ فَلَمْ يَتَأَمَّلْهَا فَإِنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ قَالَ: {سَأَلْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ الْقُنُوتِ: هَلْ كَانَ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ؟ فَقَالَ: قَبْلَ الرُّكُوعِ قَالَ: فَإِنَّ فُلَانًا أَخْبَرَنِي أَنَّك قُلْت بَعْدَ الرُّكُوعِ قَالَ: كَذَبَ إنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَرَاهُ بَعَثَ قَوْمًا يُقَالُ لَهُمْ الْقُرَّاءُ زُهَاءَ سَبْعِينَ رَجُلًا إلَى قَوْمٍ مُشْرِكِينَ دُونَ أُولَئِكَ وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ عَهْدٌ وَقَنَتَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَيْهِمْ} وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ أَحْمَد وَالْحَاكِمُ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ: {مَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْنُتُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا} " جَاءَ لَفْظُهُ مُفَسَّرًا " أَنَّهُ: مَا زَالَ يَقْنُتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ ". وَالْمُرَادُ هُنَا بِالْقُنُوتِ طُولُ الْقِيَامِ لَا الدُّعَاءُ. كَذَلِكَ جَاءَ مُفَسَّرًا وَيُبَيِّنُهُ مَا جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ {مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِين قَالَ: قُلْت لِأَنَسٍ: قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ قَالَ: نَعَمْ بَعْدَ الرُّكُوعِ يَسِيرًا} " فَأَخْبَرَ أَنَّ قُنُوتَهُ كَانَ يَسِيرًا وَكَانَ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَلَمَّا كَانَ لَفْظُ الْقُنُوتِ هُوَ إدَامَةُ الطَّاعَةِ سُمِّيَ كُلُّ تَطْوِيلٍ فِي قِيَامٍ أَوْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ قُنُوتًا. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا} وَلِهَذَا لَمَّا سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ الْقُنُوتِ الرَّاتِبِ قَالَ: " مَا سَمِعْنَا وَلَا رَأْينَا " وَهَذَا قَوْلٌ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: بَلْ الْقُنُوتُ سُنَّةٌ رَاتِبَةٌ حَيْثُ قَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ