السَّجْدَتَيْنِ وَهُوَ فِي السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَكِلَاهُمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ إمَامًا أَحَدُهُمَا بِحُذَيْفَةَ وَالْآخَرُ بِابْنِ عَبَّاسٍ. وَحَدِيثُ حُذَيْفَةَ {رَبِّ اغْفِرْ لِي رَبِّ اغْفِرْ لِي} وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيهِ {اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاهْدِنِي وَعَافِنِي وَارْزُقْنِي} وَنَحْوُ هَذَا فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي فِي الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يَدْعُو فِي هَذِهِ الْأَمْكِنَةِ بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ. وَكَذَلِكَ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ حَيْثُ يَرَوْنَ أَنَّهُ يَشْرَعُ مِثْلُ هَذِهِ الْأَدْعِيَةِ. وَإِذَا عُرِفَ ذَلِكَ تَبَيَّنَ أَنَّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ إنْ صَحَّ فَالْمُرَادُ بِهِ الدُّعَاءُ الَّذِي يُؤَمِّنُ عَلَيْهِ الْمَأْمُومُ: كَدُعَاءِ الْقُنُوتِ فَإِنَّ الْمَأْمُومَ إذَا أَمَّنَ كَانَ دَاعِيًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِمُوسَى وَهَارُونَ: {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} وَكَانَ أَحَدُهُمَا يَدْعُو وَالْآخَرُ يُؤَمِّنُ. وَإِذَا كَانَ الْمَأْمُومُ مُؤَمِّنًا عَلَى دُعَاءِ الْإِمَامِ فَيَدْعُو بِصِيغَةِ الْجَمْعِ كَمَا فِي دُعَاءِ الْفَاتِحَةِ فِي قَوْلِهِ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} فَإِنَّ الْمَأْمُومَ إنَّمَا أَمَّنَ لِاعْتِقَادِهِ. أَنَّ الْإِمَامَ يَدْعُو لَهُمَا جَمِيعًا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ خَانَ الْإِمَامُ الْمَأْمُومَ. فَأَمَّا الْمَوَاضِعُ الَّتِي يَدْعُو فِيهَا كُلُّ إنْسَانٍ لِنَفْسِهِ كَالِاسْتِفْتَاحِ وَمَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَكَمَا أَنَّ الْمَأْمُومَ يَدْعُو لِنَفْسِهِ فَالْإِمَامُ يَدْعُو لِنَفْسِهِ. كَمَا يُسَبِّحُ الْمَأْمُومُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ إذَا سَبَّحَ الْإِمَامُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute