لَيْسَ كَالسُّجُودِ الْمُطْلَقِ؛ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ فِيهِ الْإِمَامُ الْخُطْبَةَ وَيَعْمَلُ عَمَلًا كَثِيرًا. وَالسُّنَّةُ فِي الْخُطْبَةِ الْمُوَالَاةُ فَلَمَّا تَعَارَضَ هَذَا وَهَذَا صَارَ السُّجُودُ غَيْرَ وَاجِبٍ؛ لِأَنَّ الْقَارِئَ يَشْتَغِلُ بِعِبَادَةِ أَفْضَلَ مِنْهُ وَهُوَ خُطْبَةُ النَّاسِ وَإِنْ سَجَدَ جَازَ. وَلِهَذَا يَقُولُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ: إنَّ هَذَا السُّجُودَ لَا يُسْتَحَبُّ قَالَ: وَلَيْسَ الْعَمَلُ عِنْدَنَا عَلَى أَنْ يَسْجُدَ الْإِمَامُ إذَا قَرَأَ عَلَى الْمِنْبَرِ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُسْتَحَبُّ السُّجُودُ فِي الصَّلَاةِ لَا السِّرِّ وَلَا الْجَهْرِ. وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُمَا يَقُولُونَ: لَا يُسْتَحَبُّ فِي صَلَاةِ السِّرِّ مَعَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يُوجِبُ السُّجُودَ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ يُوجِبُهُ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ لَمْ يَسْتَحِبُّوهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ؛ بَلْ اتِّصَالُ الصَّلَاةِ عِنْدَهُمْ أَفْضَلُ فَكَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ مُرَادَ عُمَرَ أَنَّهُ لَمْ يُكْتَبْ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ كَمَا يَقُولُ مَنْ يَقُولُ لَا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْحَالِ. وَهَذَا كَمَا أَنَّ الدُّعَاءَ بِعَرَفَةَ لَمَّا كَانَتْ سُنَّتُهُ الِاتِّصَالَ لَمْ يَقْطَعْ بِصَلَاةِ الْعَصْرِ بَلْ صُلِّيَتْ قَبْلَهُ فَكَذَلِكَ الْخَاطِبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَقْصُودُهُ خِطَابُهُمْ وَأَمْرُهُمْ وَنَهْيُهُمْ ثُمَّ الصَّلَاةُ عَقِبَ ذَلِكَ فَلَا يَجِبُ أَنْ يَشْتَغِلُوا عَنْ هَذَا الْمَقْصُودِ مَعَ أَنَّ عَقِبَهُ يَحْصُلُ السُّجُودُ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سُجُودَ التِّلَاوَةِ يَسْقُطُ لِمَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ. أَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute