النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ مُتَطَهِّرًا وَكَمَا لَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ وَالْعَبْدِ وَإِنْ جَازَ لَهُ فِعْلُهَا لَا سِيَّمَا وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ لَا يُجَوِّزُونَ فِعْلَهَا إلَّا مَعَ الطَّهَارَةِ وَلَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ يَجُوزُ فِعْلُهَا لِلْحَدِيثِ. وَالْمَرْوِيُّ فِيهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكْبِيرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ مِنْ عِبَادَةٍ إلَى عِبَادَةٍ. وَعَلَى هَذَا تَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ فَقَالَ: (بَابُ سَجْدَةِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكُ نَجِسٌ لَيْسَ لَهُ وُضُوءٌ) . قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَسْجُدُ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَذَكَرَ {سُجُودَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّجْمِ لَمَّا سَجَدَ وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ} . وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ وَجْهَيْنِ: مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَهَذَا فَعَلُوهُ تَبَعًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَرَأَ قَوْلَهُ: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا.} وَمَعْلُومٌ أَنَّ جِنْسَ الْعِبَادَةِ لَا تُشْتَرَطُ لَهُ الطَّهَارَةُ بَلْ إنَّمَا تُشْتَرَطُ لِلصَّلَاةِ. فَكَذَلِكَ جِنْسُ السُّجُودِ يُشْتَرَطُ لِبَعْضِهِ وَهُوَ السُّجُودُ الَّذِي لِلَّهِ كَسُجُودِ الصَّلَاةِ وَسَجْدَتَيْ السَّهْوِ بِخِلَافِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَسُجُودِ الشُّكْرِ وَسُجُودِ الْآيَاتِ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ: أَنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ عَنْ سُجُودِ السَّحَرَةِ لَمَّا آمَنُوا بِمُوسَى عَلَى وَجْهِ الرِّضَا بِذَلِكَ السُّجُودِ وَلَا رَيْبَ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مُتَوَضِّئِينَ وَلَا يَعْرِفُونَ الْوُضُوءَ. فَعُلِمَ أَنَّ السُّجُودَ الْمُجَرَّدَ لِلَّهِ مِمَّا يُحِبُّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute