وَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى الطَّهَارَةَ لِلصَّلَاةِ كَمَا أَمَرَ بِذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ وَكَمَا ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ} أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ وَلَا صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ} وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وُجُوبِ الطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ. يَبْقَى الْكَلَامُ فِي مُسَمَّى " الصَّلَاةِ " فَإِنَّ الَّذِينَ أَوْجَبُوا الطَّهَارَةَ لِلسُّجُودِ الْمُجَرَّدِ اخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ. فَقَالُوا: يُسَلِّمُ مِنْهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُكَبِّرُ تَكْبِيرَتَيْنِ: تَكْبِيرَةٌ لِلِافْتِتَاحِ وَتَكْبِيرَةٌ لِلسُّجُودِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَتَشَهَّدُ فِيهِ وَلَيْسَ مَعَهُمْ لِشَيْءِ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ أَثَرٌ لَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ؛ بَلْ هُوَ مِمَّا قَالُوهُ بِرَأْيِهِمْ لَمَّا ظَنُّوهُ صَلَاةً. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَكُونُ الصَّلَاةُ إلَّا رَكْعَتَيْنِ وَمَا دُونُ ذَلِكَ لَا يَكُونُ صَلَاةً إلَّا رَكْعَةَ الْوِتْرِ. وَاحْتَجَّ بِمَا فِي السُّنَنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى} وَهَذَا الْقَوْلُ قَالَهُ ابْنُ حَزْمٍ. وَلَمْ يَشْتَرِطْ الطَّهَارَةَ لِمَا دُونَ ذَلِكَ لَا لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَلَا لِغَيْرِهَا. وَهَذَا أَيْضًا ضَعِيفٌ. فَإِنَّ الْحَدِيثَ ضَعِيفٌ. وَالْحَدِيثُ الَّذِي فِي الصِّحَاحِ الَّذِي رَوَاهُ الثقاة قَوْلُهُ: {صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى} وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَ " النَّهَارِ " فَزِيَادَةٌ انْفَرَدَ بِهَا البارقي وَقَدْ ضَعَّفَهَا أَحْمَد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute