وَمَنْ كَانَ لَهُ وِرْدٌ مَشْرُوعٌ مِنْ صَلَاةِ الضُّحَى أَوْ قِيَامِ لَيْلٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُصَلِّيهِ حَيْثُ كَانَ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَدَعَ وِرْدَهُ الْمَشْرُوعَ لِأَجْلِ كَوْنِهِ بَيْنَ النَّاسِ إذَا عَلِمَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ سِرًّا لِلَّهِ مَعَ اجْتِهَادِهِ فِي سَلَامَتِهِ مِنْ الرِّيَاءِ وَمُفْسِدَاتِ الْإِخْلَاصِ؛ وَلِهَذَا قَالَ الْفُضَيْل بْنُ عِيَاضٍ: تَرْكُ الْعَمَلِ لِأَجْلِ النَّاسِ رِيَاءٌ وَالْعَمَلُ لِأَجْلِ النَّاسِ شِرْكٌ. وَفِعْلُهُ فِي مَكَانِهِ الَّذِي تَكُونُ فِيهِ مَعِيشَتُهُ الَّتِي يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى عِبَادَةِ اللَّهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَفْعَلَهُ حَيْثُ تَتَعَطَّلُ مَعِيشَتُهُ وَيَشْتَغِلُ قَلْبُهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَإِنَّ الصَّلَاةَ كُلَّمَا كَانَتْ أَجْمَعَ لِلْقَلْبِ وَأَبْعَدَ مِنْ الْوَسْوَاسِ كَانَتْ أَكْمَلَ. وَمَنْ نَهَى عَنْ أَمْرٍ مَشْرُوعٍ بِمُجَرَّدِ زَعْمِهِ أَنَّ ذَلِكَ رِيَاءٌ فَنَهْيُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْأَعْمَالَ الْمَشْرُوعَةَ لَا يُنْهَى عَنْهَا خَوْفًا مِنْ الرِّيَاءِ بَلْ يُؤْمَرُ بِهَا وَبِالْإِخْلَاصِ فِيهَا وَنَحْنُ إذَا رَأَيْنَا مَنْ يَفْعَلُهَا أَقْرَرْنَاهُ وَإِنْ جَزَمْنَا أَنَّهُ يَفْعَلُهَا رِيَاءً فَالْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: {إنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إلَّا قَلِيلًا} فَهَؤُلَاءِ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ يُقِرُّونَهُمْ عَلَى مَا يُظْهِرُونَهُ مِنْ الدِّينِ وَإِنْ كَانُوا مُرَائِينَ وَلَا يَنْهَوْنَهُمْ عَنْ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ فِي تَرْكِ إظْهَارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute