إنَّمَا جَعَلَ وَقْتَ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ أَوْ تُضَيَّفْ لِلْغُرُوبِ وَلَمْ تُجَوِّزُوا فِعْلَ الْفَجْرِ وَقْتَ النَّهْيِ؟ الثَّانِي: أَنَّ مُصَلِّيَ الْعَصْرِ وَإِنْ صَلَّى الثَّانِيَةَ فِي غَيْرِ وَقْتِ نَهْيٍ فَمُصَلِّي الْفَجْرِ صَلَّى الْأُولَى فِي غَيْرِ وَقْتِ نَهْيٍ ثُمَّ إنَّهُ تَرَجَّحَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ صَلَّى الْأُولَى فِي وَقْتِهَا بِلَا ذَمٍّ وَلَا نَهْيٍ؛ بِخِلَافِ مُصَلِّي الْعَصْرِ فَإِنَّهُ إنَّمَا صَلَّى الْأُولَى مَعَ الذَّمِّ وَالنَّهْيِ. وَبِكُلِّ حَالٍ فَقَدْ دَلَّ الْحَدِيثُ وَاتِّفَاقُهُمْ: عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَنْهَ عَنْ كُلِّ صَلَاةٍ؛ بَلْ عَصْرُ يَوْمِهِ تُفْعَلُ وَقْتَ النَّهْيِ بِالنَّصِّ وَاتِّفَاقِهِمْ. وَكَذَلِكَ الثَّانِيَةُ مِنْ الْفَجْرِ تُفْعَلُ بِالنَّصِّ مَعَ قَوْلِ الْجُمْهُورِ. فَإِنْ قِيلَ فَهُوَ مَذْمُومٌ عَلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ وَقْتَ النَّهْيِ فَكَيْفَ يَقُولُونَ: لَمْ يَنْهَ قَبْلَ الذَّمِّ؟ إنَّمَا هُوَ لِتَأْخِيرِهَا إلَى هَذَا الْوَقْتِ ثُمَّ إذَا عَصَى بِالتَّأْخِيرِ أُمِرَ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي هَذَا الْوَقْتِ وَلَا يُفَوِّتُهَا فَإِنَّ التَّفْوِيتَ أَعْظَمُ إثْمًا؛ وَلَا يَجُوزُ بِحَالِ مِنْ الْأَحْوَالِ وَكَانَ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَعَ نَوْعٍ مِنْ الْإِثْمِ خَيْرًا مِنْ أَنْ يُفَوِّتَهَا فَيَلْزَمُهُ مِنْ الْإِثْمِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ. وَالشَّارِعُ دَائِمًا يُرَجِّحُ خَيْرَ الْخَيْرَيْنِ بِتَفْوِيتِ أَدْنَاهُمَا؛ وَيَدْفَعُ شَرَّ الشَّرَّيْنِ بِالْتِزَامِ أَدْنَاهُمَا وَهَذَا كَمَنْ مَعَهُ مَاءٌ فِي السَّفَرِ هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لِطَهَارَتِهِ يُؤْمَرُ بِأَنْ يَتَطَهَّرَ بِهِ فَإِنْ أَرَاقَهُ عَصَى وَأُمِرَ بِالتَّيَمُّمِ وَكَانَتْ صَلَاتُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute