النِّزَاعِ لَا بِنَهْيٍ وَلَا بِإِذْنِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْفَرْقُ الَّذِي فَرَّقَ بِهِ الشَّارِعُ فِي صُورَةِ النَّصِّ فَأَبَاحَ بَعْضًا وَحَرَّمَ بَعْضًا مُتَنَاوَلًا لِمَوَارِدِ النِّزَاعِ إمَّا نَهْيًا عَنْهُ وَإِمَّا إذْنًا فِيهِ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ وَاحِدًا مِنْ النَّوْعَيْنِ فَلَا يَجُوزُ لَكُمْ أَنْ تَنْهَوْا إلَّا عَمَّا عَلِمْتُمْ أَنَّهُ نَهَى عَنْهُ؛ لِانْتِفَاءِ الْوَصْفِ الْمُبِيحِ عَنْهُ وَلَا تَأْذَنُوا إلَّا فِيمَا عَلِمْتُمْ أَنَّهُ أَذِنَ فِيهِ؛ لِشُمُولِ الْوَصْفِ الْمُبِيحِ لَهُ. وَأَمَّا التَّحْلِيلُ وَالتَّحْرِيمُ بِغَيْرِ أَصْلٍ مُفَرَّقٍ عَنْ صَاحِبِ الشَّرْعِ فَلَا يَجُوزُ. فَإِنْ قِيلَ: أَحَادِيثُ النَّهْيِ عَامَّةٌ فَنَحْنُ نَحْمِلُهَا عَلَى عُمُومِهَا إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ فَمَا عَلِمْنَا أَنَّهُ مَخْصُوصٌ لِمَجِيءِ نَصٍّ خَاصٍّ فِيهِ خَصَّصْنَاهَا بِهِ وَإِلَّا أَبْقَيْنَاهَا عَلَى الْعُمُومِ. قِيلَ: هَذَا إنَّمَا يَسْتَقِيمُ أَنْ لَوْ كَانَ هَذَا الْعَامُّ الْمَخْصُوصُ لَمْ يُعَارِضْهُ عمومات مَحْفُوظَةٌ أَقْوَى مِنْهُ وَأَنَّهُ لَمَّا خُصَّ مِنْهُ صُوَرٌ عُلِمَ اخْتِصَاصُهَا بِمَا يُوجِبُ الْفَرْقَ فَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ عَامٌّ خُصَّ مِنْهُ صُوَرٌ لِمَعْنَى مُنْتَفٍ مِنْ غَيْرِهَا بَقِيَ مَا سِوَى ذَلِكَ عَلَى الْعُمُومِ فَكَيْفَ وَعُمُومُهُ مُنْتَفٍ وَقَدْ عَارَضَهُ أَحَادِيثُ خَاصَّةٌ وَعَامَّةٌ عُمُومًا مَحْفُوظًا وَمَا خُصَّ مِنْهُ لَمْ يَخْتَصَّ بِوَصْفِ يُوجِبُ اسْتِثْنَاءَهُ دُونَ غَيْرِهِ بَلْ غَيْرُهُ مُشَارِكٌ لَهُ فِي الْوَصْفِ الْمُوجِبِ لِتَخْصِيصِهِ أَوْ أَوْلَى مِنْهُ بِالتَّخْصِيصِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute