للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْوَقْتَ لَاسْتَثْنَى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَالْفَرْضِ كَمَا وَرَدَ اسْتِثْنَاءُ ذَلِكَ فِي مَا نَهَى عَنْهُ حَيْثُ قَالَ: {لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ إلَّا سَجْدَتَيْنِ} فَلَمَّا لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي الْأَحَادِيثِ عُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ فِعْلَ الصَّلَاةِ كَمَا جَاءَ مُفَسَّرًا فِي أَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ. وَلِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ أَوْقَاتُ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ فَرْضُهَا وَسُنَّتُهَا وَقْتَ نَهْيٍ وَمَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَقْتُ صَلَاةِ الْفَجْرِ سُنَّتُهَا وَفَرْضُهَا فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذَا وَقْتُ نَهْيٍ؟ وَهَلْ يَكُونُ وَقْتَ نَهْيٍ سُنَّ فِيهِ الصَّلَاةُ دَائِمًا بِلَا سَبَبٍ؟ وَأَمَرَ بِتَحَرِّي الصَّلَاةِ فِيهِ؟ هَذَا تَنَاقُضٌ مَعَ أَنَّ هَذَا الْوَقْتَ جُعِلَ وَقْتًا لِلصَّلَاةِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ لَيْسَ كَوَقْتِ الْعَصْرِ الَّذِي جُعِلَ آخِرَ الْوَقْتِ فِيهِ إذَا اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ. وَالنَّهْيُ هُوَ لِأَنَّ الْكُفَّارَ يَسْجُدُونَ لَهَا وَهَذَا لَا يَكُونُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَلِهَذَا كَانَ الْأَصْلُ فِي النَّهْيِ عِنْدَ الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ لَكِنْ نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاتَيْنِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ فَإِنَّ الْمُتَطَوِّعَ قَدْ يُصَلِّي بَعْدَهُمَا حَتَّى يُصَلِّيَ وَقْتَ الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ. وَالنَّهْيُ فِي هَذَيْنِ أَخَفُّ وَلِهَذَا كَانَ يُدَاوِمُ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ. فَأَمَّا قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ فَلَا وَجْهَ لِلنَّهْيِ لَكِنْ لَا يُسَنُّ ذَلِكَ الْوَقْتُ إلَّا الْفَجْرَ سُنَّتُهَا وَفَرْضُهَا. وَلِهَذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ وَيُوتِرُ ثُمَّ إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ ثُمَّ صَلَّى الْفَرْضَ وَكَانَ يَضْطَجِعُ أَحْيَانًا