مَعْنَى الرُّجُوعِ. وَلَفْظُ الظِّلِّ يَتَنَاوَلُ هَذَا وَهَذَا فَإِنَّهُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ يَكُونُ الظِّلُّ مُمْتَدًّا كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ إلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا} ثُمَّ إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ كَانَتْ عَلَيْهِ دَلِيلًا فَتَمَيَّزَ الظِّلُّ عَنْ الضُّحَى وَنَسَخَتْ الشَّمْسُ الظِّلَّ لَا تَزَالُ تَنْسَخُهُ وَهُوَ يَقْصُرُ إلَى الزَّوَالِ فَإِذَا زَالَتْ فَإِنَّهُ يُعَادُ مُمْتَدًّا إلَى الْمَشْرِقِ حَيْثُ ابْتَدَأَ بَعْدَ أَنْ كَانَ أَوَّلَ مَا نَسَخَتْهُ عَنْ الْمَشْرِقِ ثُمَّ عَنْ الْمَغْرِبِ ثُمَّ تَفِيءُ إلَى الْمَشْرِقِ ثُمَّ الْمَغْرِبِ وَلَمْ يَزَلْ يَمْتَدُّ وَيَطُولُ إلَى أَنْ تَغْرُبَ فَيَنْسَخُ الظِّلُّ جَمِيعَ الشَّمْسِ. فَلِهَذَا قَالَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عبسة: " {ثُمَّ اُقْصُرْ عَنْ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ تُسْجَرُ جَهَنَّمُ فَإِذَا أَقْبَلَ الْفَيْءُ فَصَلِّ} . وَعَلَى هَذَا فَمَنْ رَخَّصَ فِي الصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَالَ: إنَّهَا لَا تُسْجَرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَمَا قَدْ رُوِيَ وَقَالُوا: إنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ الْإِبْرَادُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَلْ يَجُوزُ عَقِبَ الزَّوَالِ بِالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ وَاتِّفَاقِ النَّاسِ وَفِي الْإِبْرَادِ مَشَقَّةٌ لِلْخَلْقِ. وَيَجُوزُ عِنْدَ أَحْمَد وَغَيْرِهِ أَنْ يُصَلِّيَ وَقْتَ الزَّوَالِ كَمَا فَعَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فَكَيْفَ يَكُونُ وَقْتَ نَهْيٍ وَالْجُمُعَةُ جَائِزَةٌ فِيهِ وَالْفَرَائِضُ الْمُؤَدَّاةُ لَا تُشْرَعُ فِي وَقْتِ النَّهْيِ لِغَيْرِ عُذْرٍ كَمَا قُلْنَا فِي الْفَجْرِ فَإِنَّ هَذَا تَنَاقُضٌ. وَبِالْجُمْلَةِ جَوَازُ الصَّلَاةِ وَقْتَ الزَّوَالِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى أَصْلِ أَحْمَد أَظْهَرُ مِنْهُ عَلَى أَصْلِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُجَوِّزُ الْجُمُعَةَ وَقْتَ الزَّوَالِ وَلَا يَجْعَلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute