تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ لِلدَّاخِلِ عِنْدَ الْخُطْبَةِ هُنَا بِلَا خِلَافٍ عَنْهُ لِثُبُوتِ النَّصِّ بِهِ وَالنَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ فِي هَذَا الْوَقْتِ أَشَدُّ بِلَا رَيْبٍ فَإِذَا فُعِلَتْ هُنَاكَ فَهُنَا أَوْلَى. وَمِنْهَا: أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ فِي الصَّحِيحَيْنِ لَفْظُهُ: " {لَا تَتَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا} . وَالتَّحَرِّي هُوَ التَّعَمُّدُ وَالْقَصْدُ وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي التَّطَوُّعِ الْمُطْلَقِ. فَأَمَّا مَا لَهُ سَبَبٌ فَلَمْ يَتَحَرَّهُ؛ بَلْ فَعَلَهُ لِأَجْلِ السَّبَبِ وَالسَّبَبُ أَلْجَأَهُ إلَيْهِ. وَهَذَا اللَّفْظُ الْمُقَيَّدُ الْمُفَسَّرُ يُفَسِّرُ سَائِرَ الْأَلْفَاظِ وَيُبَيِّنُ أَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا كَانَ عَنْ التَّحَرِّي وَلَوْ كَانَ عَنْ النَّوْعَيْنِ لَمْ يَكُنْ لِلتَّخْصِيصِ فَائِدَةٌ وَلَكَانَ الْحُكْمُ قَدْ عُلِّقَ بِلَفْظِ عَدِيمِ التَّأْثِيرِ. وَمِنْهَا: أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ جَوَازُ بَعْضِ ذَوَاتِ الْأَسْبَابِ بَعْضُهَا بِالنَّصِّ كَالرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْفَجْرِ وَكَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَكَالْمُعَادَةِ مَعَ إمَامِ الْحَيِّ وَبَعْضُهَا بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ كَالْعَصْرِ عِنْدَ الْغُرُوبِ وَكَالْجِنَازَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَإِذَا نُظِرَ فِي الْمُقْتَضِي لِلْجَوَازِ لَمْ تُوجَدْ لَهُ عِلَّةٌ صَحِيحَةٌ إلَّا كَوْنَهَا ذَاتَ سَبَبٍ فَيَجِبُ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِذَلِكَ وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُعَادَةِ وَبَيْنَ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَالْأَمْرُ بِهَذِهِ أَصَحُّ وَكَذَلِكَ الْكُسُوفُ قَدْ أَمَرَ بِهَا فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ صَحِيحَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute