يُصَلِّي الْفَرْضَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْعَلْ إلَّا مَعَ الْكَمَالِ تَعَذَّرَ فِعْلُهُ فَكَانَ فِعْلُهُ مَعَ النَّقْصِ خَيْرًا مِنْ تَعْطِيلِهِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَذَوَاتُ الْأَسْبَابِ إنْ لَمْ تُفْعَلْ وَقْتَ النَّهْيِ فَاتَتْ وَتَعَطَّلَتْ وَبَطَلَتْ الْمَصْلَحَةُ الْحَاصِلَةُ بِهِ بِخِلَافِ التَّطَوُّعِ الْمُطْلَقِ فَإِنَّ الْأَوْقَاتَ فِيهَا سِعَةٌ فَإِذَا تَرَكَ فِي أَوْقَاتِ النَّهْيِ حَصَلَتْ حِكْمَةُ النَّهْيِ وَهُوَ قَطْعٌ لِلتَّشَبُّهِ بِالْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَهَذِهِ الْحِكْمَةُ لَا يَحْتَاجُ حُصُولُهَا إلَى الْمَنْعِ مِنْ جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ. بَلْ يَحْصُلُ الْمَنْعُ مِنْ بَعْضِهَا فَيَكْفِي التَّطَوُّعُ الْمُطْلَقُ. وَأَيْضًا فَالنَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا هُوَ مِنْ بَابِ سَدِّ الذَّرَائِعِ لِئَلَّا يَتَشَبَّهُ بِالْمُشْرِكِينَ فَيُفْضِي إلَى الشِّرْكِ وَمَا كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ لِسَدِّ الذَّرِيعَةِ لَا لِأَنَّهُ مَفْسَدَةٌ فِي نَفْسِهِ يُشْرَعُ إذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ وَلَا تَفُوتُ الْمَصْلَحَةُ لِغَيْرِ مَفْسَدَةٍ رَاجِحَةٍ. وَالصَّلَاةُ لِلَّهِ فِيهِ لَيْسَ فِيهَا مَفْسَدَةٌ بَلْ هِيَ ذَرِيعَةٌ إلَى الْمَفْسَدَةِ فَإِذَا تَعَذَّرَتْ الْمَصْلَحَةُ إلَّا بِالذَّرِيعَةِ شُرِعَتْ وَاكْتَفَى مِنْهَا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَصْلَحَةٌ. وَهُوَ التَّطَوُّعُ الْمُطْلَقُ. فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَنْعِ مِنْهُ مَفْسَدَةٌ وَلَا تَفْوِيتُ مَصْلَحَةٍ لِإِمْكَانِ فِعْلِهِ فِي سَائِرِ الْأَوْقَاتِ. وَهَذَا أَصْلٌ لِأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ: فِي أَنَّ مَا كَانَ مِنْ " بَابِ سَدِّ الذَّرِيعَةِ " إنَّمَا يُنْهَى عَنْهُ إذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ وَأَمَّا مَعَ الْحَاجَةِ لِلْمَصْلَحَةِ الَّتِي لَا تَحْصُلُ إلَّا بِهِ وَقَدْ يُنْهَى عَنْهُ؛ وَلِهَذَا يُفَرَّقُ فِي الْعُقُودِ بَيْنَ الْحِيَلِ وَسَدِّ الذَّرَائِعِ: فَالْمُحْتَالُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute