وَأَجَابَ هَؤُلَاءِ عَنْ حَدِيثِ التَّفْضِيلِ. بِأَنْ قَالُوا: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَعْذُورِ كَالْمَرِيضِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ وَصَلَاةُ النَّائِمِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَاعِدِ} وَأَنَّ تَفْضِيلَهُ صَلَاةَ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ عَلَى صَلَاتِهِ وَحْدَهُ. كَتَفْضِيلِهِ صَلَاةَ الْقَائِمِ عَلَى صَلَاةِ الْقَاعِدِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْقِيَامَ وَاجِبٌ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ دُونَ النَّفْلِ كَمَا أَنَّ الْجَمَاعَةَ وَاجِبَةٌ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ دُونَ النَّفْلِ. وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الْعُلَمَاءَ تَنَازَعُوا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ: هَلْ الْمُرَادُ بِهِمَا الْمَعْذُورُ أَوْ غَيْرُهُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: فَقَالَتْ طَائِفَةٌ الْمُرَادُ بِهِمَا غَيْرُ الْمَعْذُورِ. قَالُوا لِأَنَّ الْمَعْذُورَ أَجْرُهُ تَامٌّ بِدَلِيلِ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " {إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِنْ الْعَمَلِ مَا كَانَ يَعْمَلُهُ وَهُوَ صَحِيحٌ مُقِيمٌ} قَالُوا: فَإِذَا كَانَ الْمَرِيضُ وَالْمُسَافِرُ يُكْتَبُ لَهُمَا مَا كَانَا يَعْمَلَانِ فِي الصِّحَّةِ وَالْإِقَامَةِ. فَكَيْفَ تَكُونُ صَلَاةُ الْمَعْذُورِ قَاعِدًا أَوْ مُنْفَرِدًا دُونَ صَلَاتِهِ فِي الْجَمَاعَةِ قَاعِدًا وَحَمَلَ هَؤُلَاءِ تَفْضِيلَ صَلَاةِ الْقَائِمِ عَلَى النَّفْلِ دُونَ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ فِي الْفَرْضِ وَاجِبٌ. وَمَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ لَزِمَهُ أَنْ يُجَوِّزَ تَطَوُّعَ الصَّحِيحِ مُضْطَجِعًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ قَالَ: " {وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ} . وَقَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute