للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمَّا كَوْنُ هَذِهِ الصَّلَاةِ المفضولة تَصِحُّ حَيْثُ تَصِحُّ تِلْكَ أَوْ لَا تَصِحُّ فَالْحَدِيثُ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ بِنَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ وَلَا سِيقَ الْحَدِيثُ لِأَجْلِ بَيَانِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَفَسَادِهَا؛ بَلْ وُجُوبُ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَسُقُوطِ ذَلِكَ وَوُجُوبِ الْجَمَاعَةِ وَسُقُوطِهَا: يُتَلَقَّى مِنْ أَدِلَّةٍ أُخَرَ. وَكَذَلِكَ أَيْضًا: كَوْنُ هَذَا الْمَعْذُورِ يُكْتَبُ لَهُ تَمَامُ عَمَلِهِ أَوْ لَا يُكْتَبُ لَهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ هَذَا الْحَدِيثُ بَلْ يُتَلَقَّى مِنْ أَحَادِيثَ أُخَرَ وَقَدْ بَيَّنَتْ سَائِرُ النُّصُوصِ أَنَّ تَكْمِيلَ الثَّوَابِ هُوَ لِمَنْ كَانَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ الْفَاضِلَ وَهُوَ صَحِيحٌ مُقِيمٌ لَا لِكُلِّ أَحَدٍ. وَتُثْبِتُ نُصُوصٌ أُخَرُ وُجُوبَ الْقِيَامِ فِي الْفَرْضِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: " {صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ} . وَبَيَّنَ جَوَازَ التَّطَوُّعِ قَاعِدًا لَمَّا رَآهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ قُعُودًا فَأَقَرَّهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَكَانَ يُصَلِّي قَاعِدًا مَعَ كَوْنِهِ كَانَ يَتَطَوَّعُ عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي السَّفَرِ. كَذَلِكَ تُثْبِتُ نُصُوصٌ أُخَرُ وُجُوبَ الْجَمَاعَةِ فَيُعْطِي كُلَّ حَدِيثٍ حَقَّهُ فَلَيْسَ بَيْنَهَا تَعَارُضٌ وَلَا تَنَافٍ وَإِنَّمَا يَظُنُّ التَّعَارُضَ وَالتَّنَافِي مَنْ حَمَّلَهَا مَا لَا تَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَمْ يُعْطِهَا حَقَّهَا بِسُوءِ نَظَرِهِ وَتَأْوِيلِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.