للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{عَبَسَ وَتَوَلَّى} {أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى} وَكَانَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ مَنْ يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إلَّا مُنَافِقٌ فَعَلِمَ أَنَّهُ لَا رُخْصَةَ لِمُؤْمِنِ فِي تَرْكِهَا. وَأَيْضًا فَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصِّحَاحِ أَنَّهُ قَالَ: " {لَقَدْ هَمَمْت أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالِ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ.} وَفِي رِوَايَةٍ " {لَوْلَا مَا فِي الْبُيُوتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ} فَبَيَّنَ أَنَّهُ إنَّمَا يَمْنَعُهُ مِنْ تَحْرِيقِ الْمُتَخَلِّفِينَ عَنْ الْجَمَاعَةِ مَنْ فِي الْبُيُوتِ مِنْ النِّسَاءِ وَالْأَطْفَالِ فَإِنَّ تَعْذِيبَ أُولَئِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا جَمَاعَةَ عَلَيْهِمْ. وَمَنْ قَالَ: إنَّ هَذَا كَانَ فِي الْجُمُعَةِ أَوْ كَانَ لِأَجْلِ نِفَاقِهِمْ. فَقَوْلُهُ ضَعِيفٌ فَإِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُهُمْ لِأَجْلِ النِّفَاقِ بَلْ لَا يُعَاقِبُهُمْ إلَّا بِذَنْبِ ظَاهِرٍ فَلَوْلَا أَنَّ التَّخَلُّفَ عَنْ الْجَمَاعَةِ ذَنْبٌ يَسْتَحِقُّ صَاحِبُهُ الْعِقَابَ لَمَا عَاقَبَهُمْ. وَالْحَدِيثُ قَدْ بَيَّنَ فِيهِ التَّخَلُّفَ عَنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ وَأَنَّهُ لَمْ يُرَخِّصْ لَهُ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ الْجَمَاعَةِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ الْجَمَاعَةَ يُتْرَكُ لَهَا أَكْثَرُ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَغَيْرِهَا فَلَوْلَا وُجُوبُهَا لَمْ يُؤْمَرْ بِتَرْكِ بَعْضِ الْوَاجِبَاتِ لَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِتَرْكِ الْوَاجِبَاتِ لِمَا لَيْسَ بِوَاجِبِ.