للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَفِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْقُرْآنِ مِنْ الْأَسْرَارِ وَبَيَانِ الْأَدِلَّةِ الْقَطْعِيَّةِ عَلَى الْمَطَالِبِ الدِّينِيَّةِ مَا لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ وَإِنَّمَا الْغَرَضُ التَّنْبِيهُ. وَكَذَلِكَ مَا اسْتَعْمَلَهُ سُبْحَانَهُ فِي تَنْزِيهِهِ وَتَقْدِيسِهِ عَمَّا أَضَافُوهُ إلَيْهِ مِنْ الْوِلَادَةِ سَوَاءٌ سَمَّوْهَا حِسِّيَّةً أَوْ عَقْلِيَّةً كَمَا تَزْعُمُهُ النَّصَارَى مِنْ تَوَلُّدِ الْكَلِمَةِ - الَّتِي جَعَلُوهَا جَوْهَرَ الِابْنِ - مِنْهُ وَكَمَا تَزْعُمُهُ الْفَلَاسِفَةُ الصَّابِئُونَ مِنْ تَوَلُّدِ الْعُقُولِ الْعَشَرَةِ وَالنُّفُوسِ الْفَلَكِيَّةِ التِّسْعَةِ: الَّتِي هُمْ مُضْطَرِبُونَ فِيهَا هَلْ هِيَ جَوَاهِرُ أَوْ أَعْرَاضٌ؟ وَقَدْ يَجْعَلُونَ الْعُقُولَ بِمَنْزِلَةِ الذُّكُورِ، وَالنُّفُوسَ بِمَنْزِلَةِ الْإِنَاثِ وَيَجْعَلُونَ ذَلِكَ آبَاءَهُمْ وأمهاتهم وَآلِهَتَهُمْ وَأَرْبَابَهُمْ الْقَرِيبَةَ، وَعِلْمُهُمْ بِالنُّفُوسِ أَظْهَرُ لِوُجُودِ الْحَرَكَةِ الدَّوْرِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْحَرَكَةِ الْإِرَادِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى النَّفْسِ الْمُحَرِّكَةِ لَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْعَلُونَ النَّفْسَ الْفَلَكِيَّةَ عَرَضًا لَا جَوْهَرًا قَائِمًا بِنَفْسِهِ وَذَلِكَ شَبِيهٌ بِقَوْلِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ: الَّذِينَ جَعَلُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. قَالَ تَعَالَى {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ} وَقَالَ تَعَالَى {أَلَا إنَّهُمْ مِنْ إفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ} {وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} وَكَانُوا يَقُولُونَ الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ كَمَا يَزْعُمُ هَؤُلَاءِ: أَنَّ الْعُقُولَ أَوْ الْعُقُولَ وَالنُّفُوسَ " هِيَ الْمَلَائِكَةُ " وَهِيَ مُتَوَلِّدَةٌ عَنْ اللَّهِ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ} {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} {يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} {لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ