وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سُكُوتِ الْإِمَامِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: فَقِيلَ: لَا سُكُوتَ فِي الصَّلَاةِ بِحَالِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. وَقِيلَ: فِيهَا سَكْتَةٌ وَاحِدَةٌ لِلِاسْتِفْتَاحِ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقِيلَ فِيهَا: سَكْتَتَانِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا لِحَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ: {أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ سَكْتَتَانِ: سَكْتَةٌ حِينَ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ وَسَكْتَةٌ إذَا فَرَغَ مِنْ السُّورَةِ الثَّانِيَةِ. قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ} فَذَكَرَ ذَلِكَ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فَقَالَ: كَذَبَ سَمُرَةُ. فَكَتَبَ فِي ذَلِكَ إلَى الْمَدِينَةِ إلَى أبي بْنِ كَعْبٍ فَقَالَ: صَدَقَ سَمُرَةُ رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَاللَّفْظُ لَهُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَه وَالتِّرْمِذِي وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد: {سَكْتَةٌ إذَا كَبَّرَ. وَسَكْتَةٌ إذَا فَرَغَ مِنْ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} } وَأَحْمَدُ رَجَّحَ الرِّوَايَةَ الْأُولَى وَاسْتَحَبَّ السَّكْتَةَ الثَّانِيَةَ؛ لِأَجْلِ الْفَصْلِ. وَلَمْ يَسْتَحِبَّ أَحْمَدُ أَنْ يَسْكُتَ الْإِمَامُ لِقِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ وَلَكِنْ بَعْضُ أَصْحَابِهِ اسْتَحَبَّ ذَلِكَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كَانَ يَسْكُتُ سَكْتَةً تَتَّسِعُ لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ لَكَانَ هَذَا مِمَّا تَتَوَفَّرُ الْهِمَمُ وَالدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ فَلَمَّا لَمْ يَنْقُلْ هَذَا أَحَدٌ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ. وَالسَّكْتَةُ الثَّانِيَةُ فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ قَدْ نَفَاهَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَذَلِكَ أَنَّهَا سَكْتَةٌ يَسِيرَةٌ قَدْ لَا يَنْضَبِطُ مِثْلُهَا وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهَا بَعْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute