للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِأُمِّ الْقُرْآنِ} فَهَذَا هُوَ الَّذِي أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَرَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عبادة. وَأَمَّا هَذَا الْحَدِيثُ فَغَلِطَ فِيهِ بَعْضُ الشَّامِيِّينَ وَأَصْلُهُ أَنَّ عبادة كَانَ يَؤُمُّ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَالَ هَذَا فَاشْتَبَهَ عَلَيْهِمْ الْمَرْفُوعُ بِالْمَوْقُوفِ عَلَى عبادة. وَأَيْضًا: فَقَدْ تَكَلَّمَ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَسَطُوا الْقَوْلَ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا مِنْ الْمَسَائِلِ. وَتَارَةً أَفْرَدُوا الْقَوْلَ فِيهَا فِي مُصَنَّفَاتٍ مُفْرَدَةٍ وَانْتَصَرَ طَائِفَةٌ لِلْإِثْبَاتِ فِي مُصَنَّفَاتٍ مُفْرَدَةٍ: كَالْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ. وَطَائِفَةٌ لِلنَّفْيِ: كَأَبِي مُطِيعٍ البلخي وَكَرَّامٍ وَغَيْرِهِمَا. وَمَنْ تَأَمَّلَ مُصَنَّفَاتِ الطَّوَائِفِ تَبَيَّنَ لَهُ الْقَوْلُ الْوَسَطُ فَإِنَّ عَامَّةَ الْمُصَنَّفَاتِ الْمُفْرَدَةَ تَتَضَمَّنُ صُوَرَ كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَبَايِنَيْنِ قَوْلُ مَنْ يَنْهَى عَنْ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ حَتَّى فِي صَلَاةِ السِّرِّ. وَقَوْلُ مَنْ يَأْمُرُ بِالْقِرَاءَةِ خَلْفَهُ مَعَ سَمَاعِ جَهْرِ الْإِمَامِ وَالْبُخَارِيُّ مِمَّنْ بَالَغَ فِي الِانْتِصَارِ لِلْإِثْبَاتِ بِالْقِرَاءَةِ حَتَّى مَعَ جَهْرِ الْإِمَامِ؛ بَلْ يُوجِبُ ذَلِكَ كَمَا يَقُولُهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ وَابْنُ حَزْمٍ وَمَعَ هَذَا فَحُجَجُهُ وَمُصَنَّفُهُ إنَّمَا تَتَضَمَّنُ تَضْعِيفَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَتَوَابِعِهَا مِثْلَ كَوْنِهِ (١).


(١) هكذا بالأصل