للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خَلْفَ الْإِمَامِ فَحَسْبُهُ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ وَإِذَا صَلَّى وَحْدَهُ فَلْيَقْرَأْ. قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ لَا يَقْرَأُ خَلْفَ الْإِمَامِ وَابْنُ عُمَرَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِالسُّنَّةِ وأتبعهم لَهَا. وَلَوْ كَانَتْ الْقِرَاءَةُ وَاجِبَةً عَلَى الْمَأْمُومِ لَكَانَ هَذَا مِنْ الْعِلْمِ الْعَامِّ الَّذِي بَيَّنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَانًا عَامًّا وَلَوْ بَيَّنَ ذَلِكَ لَهُمْ لَكَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ عَمَلًا عَامًّا وَلَكَانَ ذَلِكَ فِي الصَّحَابَةِ لَمْ يَخْفَ مِثْلُ هَذَا الْوَاجِبِ عَلَى ابْنِ عُمَرَ حَتَّى يَتْرُكَهُ مَعَ كَوْنِهِ وَاجِبًا عَامَّ الْوُجُوبِ عَلَى عَامَّةِ الْمُصَلِّينَ قَدْ بَيَّنَ بَيَانًا عَامًّا بِخِلَافِ مَا يَكُونُ مُسْتَحَبًّا فَإِنَّ هَذَا قَدْ يَخْفَى. وَرَوَى البيهقي عَنْ أَبِي وَائِلٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ مَسْعُودٍ عَنْ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فَقَالَ: أَنْصِتْ لِلْقُرْآنِ فَإِنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا وَسَيَكْفِيك ذَاكَ الْإِمَامُ. فَقَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ هَذَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ إنَّمَا نَهَاهُ عَنْ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ؛ لِأَجْلِ الْإِنْصَاتِ. وَالِاشْتِغَالُ بِهِ لَمْ يَنْهَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَمِعًا كَمَا فِي صَلَاةِ السِّرِّ وَحَالِ السَّكَتَاتِ. فَإِنَّ الْمَأْمُومَ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ مُنْصِتًا وَلَا مُشْتَغِلًا بِشَيْءِ. وَهَذَا حُجَّةٌ عَلَى مَنْ خَالَفَ ابْنَ مَسْعُودٍ مِنْ الْكُوفِيِّينَ وَمُبَيِّنٌ لِمَا رَوَاهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا تَقَدَّمَ.