للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَفُقَهَاءِ الْآثَارِ. وَعَلَيْهِ يَدُلُّ عَمَلُ أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ وَتَتَّفِقُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ. وَهَذَا الِاخْتِلَافُ شَبِيهٌ بِاخْتِلَافِهِمْ فِي صَلَاةِ الْمَأْمُومِ: هَلْ هِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ؟ أَمْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُصَلِّي لِنَفْسِهِ؟ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ. فَأَصْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِيهَا وَمَبْنِيَّةٌ عَلَيْهَا مُطْلَقًا حَتَّى أَنَّهُ يُوجِبُ الْإِعَادَةَ عَلَى الْمَأْمُومِ حَيْثُ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ عَلَى الْإِمَامِ. وَأَصْلُ الشَّافِعِيِّ: أَنَّ كُلَّ رَجُلٍ يُصَلِّي لِنَفْسِهِ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ لَا فِي فَرْضٍ وَلَا سُنَّةٍ؛ وَلِهَذَا أُمِرَ الْمَأْمُومُ بِالتَّسْمِيعِ وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةَ وَلَمْ يُبْطِلْ صَلَاتَهُ بِنَقْصِ صَلَاةِ الْإِمَامِ إلَّا فِي مَوَاضِعَ مُسْتَثْنَاةٍ كَتَحَمُّلِ الْإِمَامِ عَنْ الْمَأْمُومِ سُجُودَ السَّهْوِ وَتَحَمُّلِ الْقِرَاءَةِ إذَا كَانَ الْمَأْمُومُ مَسْبُوقًا وَإِبْطَالِ صَلَاةِ الْقَارِئِ خَلْفَ الْأُمِّيِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَأَمَّا مَالِكٌ وَأَحْمَد: فَإِنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهَا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ. كَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الِاسْتِمَاعِ لِلْقِرَاءَةِ فِي حَالِ الْجَهْرِ وَالْمُشَارَكَةِ فِي حَالِ الْمُخَافَتَةِ وَلَا يَقُولُ الْمَأْمُومُ عِنْدَهُمَا سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ بَلْ يَحْمَدُ جَوَابًا لِتَسْمِيعِ الْإِمَامِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ الصَّحِيحَةُ وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهَا. فِيمَا يُعْذَرَانِ فِيهِ دُونَ مَا لَا يُعْذَرَانِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْإِمَامَةِ.