للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: تَصِحُّ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ؛ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ السَّلَفِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَهُوَ الْقَوْلُ الْآخَرُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد؛ بَلْ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَكْثَرُ نُصُوصِ أَحْمَد عَلَى هَذَا. وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ؛ لِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {يُصَلُّونَ لَكُمْ فَإِنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ وَلَهُمْ وَإِنْ أَخْطَئُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ} . فَقَدْ بَيَّنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ خَطَأَ الْإِمَامِ لَا يَتَعَدَّى إلَى الْمَأْمُومِ وَلِأَنَّ الْمَأْمُومَ يَعْتَقِدُ أَنَّ مَا فَعَلَهُ الْإِمَامُ سَائِغٌ لَهُ وَأَنَّهُ لَا إثْمَ عَلَيْهِ فِيمَا فَعَلَ فَإِنَّهُ مُجْتَهِدٌ أَوْ مُقَلِّدٌ مُجْتَهِدٌ. وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ هَذَا قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ خَطَأَهُ فَهُوَ يَعْتَقِدُ صِحَّةَ صَلَاتِهِ وَأَنَّهُ لَا يَأْثَمُ إذَا لَمْ يُعِدْهَا بَلْ لَوْ حَكَمَ بِمِثْلِ هَذَا لَمْ يَجُزْ لَهُ نَقْضُ حُكْمِهِ بَلْ كَانَ يُنْفِذُهُ. وَإِذَا كَانَ الْإِمَامُ قَدْ فَعَلَ بِاجْتِهَادِهِ فَلَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا وَالْمَأْمُومُ قَدْ فَعَلَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ كَانَتْ صَلَاةُ كُلٍّ مِنْهُمَا صَحِيحَةً وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ أَدَّى مَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَقَدْ حَصَلَتْ مُوَافَقَةُ الْإِمَامِ فِي الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ. وَقَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّ الْمَأْمُومَ يَعْتَقِدُ بُطْلَانَ صَلَاةِ الْإِمَامِ خَطَأً مِنْهُ فَإِنَّ الْمَأْمُومَ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْإِمَامَ فَعَلَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَهُ مَا أَخْطَأَ فِيهِ وَأَنْ لَا تَبْطُلَ صَلَاتُهُ لِأَجْلِ ذَلِكَ. وَلَوْ أَخْطَأَ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ فَسَلَّمَ الْإِمَامُ خَطَأً وَاعْتَقَدَ الْمَأْمُومُ جَوَازَ