للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَنْ جَوَّزَ ذَلِكَ مُطْلَقًا احْتَجَّ بِحَدِيثِ مُعَاذٍ الْمَعْرُوفِ: {أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يَنْطَلِقُ فَيَؤُمُّ قَوْمَهُ} . وَفِي رِوَايَةٍ: {فَكَانَتْ الْأُولَى فَرْضًا لَهُ وَالثَّانِيَةُ نَفْلًا.} وَاَلَّذِينَ مَنَعُوا ذَلِكَ لَيْسَ لَهُمْ حُجَّةٌ مُسْتَقِيمَةٌ فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا بِلَفْظِ لَا يَدُلُّ عَلَى مَحَلِّ النِّزَاعِ. كَقَوْلِهِ: {إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ} . وَ {بِأَنَّ الْإِمَامَ ضَامِنٌ} فَلَا تَكُونُ صَلَاتُهُ أَنْقَصَ مِنْ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ وَلَيْسَ فِي هَذَيْنِ مَا يَدْفَعُ تِلْكَ الْحُجَجَ. وَالِاخْتِلَافُ الْمُرَادُ بِهِ الِاخْتِلَافُ فِي الْأَفْعَالِ كَمَا جَاءَ مُفَسَّرًا وَإِلَّا فَيَجُوزُ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ فَيَكُونُ مُتَنَفِّلًا خَلْفَ مُفْتَرِضٍ. كَمَا هُوَ قَوْلُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ. وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: {يَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا ثُمَّ اجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُمْ نَافِلَةً} . وَأَيْضًا فَإِنَّهُ {صَلَّى بِمَسْجِدِ الْخَيْفِ فَرَأَى رَجُلَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا فَقَالَ: مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا؟ قَالَا: قَدْ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا فَقَالَ: إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ} . وَفِي السُّنَنِ أَنَّهُ {رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَحْدَهُ فَقَالَ: أَلَا رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ} فَقَدْ ثَبَتَ صَلَاةُ الْمُتَنَفِّلِ خَلْفَ الْمُفْتَرَضِ. فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ وَثَبَتَ أَيْضًا بِالْعَكْسِ. فَعُلِمَ أَنَّ مُوَافَقَةَ الْإِمَامِ فِي نِيَّةِ الْفَرْضِ أَوْ