شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ} . {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} فَذَمَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ وَأَخْبَرَ أَنَّ لِلَّهِ الشَّفَاعَةَ جَمِيعًا؛ فَعُلِمَ أَنَّ الشَّفَاعَةَ مُنْتَفِيَةٌ عَنْ غَيْرِهِ إذْ لَا يَشْفَعُ أَحَدٌ إلَّا بِإِذْنِهِ وَتِلْكَ فَهِيَ لَهُ. وَقَدْ قَالَ: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} . وَمِمَّا يُوَضِّحُ ذَلِكَ: أَنَّهُ نَفَى يَوْمَئِذٍ الْخُلَّةَ بِقَوْلِهِ: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إنَّمَا نَفَى الْخُلَّةَ الْمَعْرُوفَةَ وَنَفْعَهَا الْمَعْرُوفَ كَمَا يَنْفَعُ الصَّدِيقُ الصَّدِيقَ فِي الدُّنْيَا كَمَا قَالَ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ} {ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ} {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} وَقَالَ: {لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ} {يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} . لَمْ يَنْفِ أَنْ يَكُونَ فِي الْآخِرَةِ خُلَّةٌ نَافِعَةٌ بِإِذْنِهِ فَإِنَّهُ قَدْ قَالَ: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إلَّا الْمُتَّقِينَ} {يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} الْآيَاتُ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ} وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي؟ الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلِّي} . فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ عَائِدٌ إلَى تَحْقِيقِ التَّوْحِيدِ وَأَنَّهُ لَا يَنْفَعُ أَحَدٌ وَلَا يَضُرُّ إلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْبَدَ أَحَدٌ غَيْرُ اللَّهِ وَلَا يُسْتَعَانَ بِهِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَنَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَظْهَرُ لِجَمِيعِ الْخَلْقِ أَنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ وَيَتَبَرَّأُ كُلُّ مُدَّعٍ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute