الْجَمْعُ إلَّا فِي وَقْتَيْنِ وَذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى تَفْرِيقِ الْفِعْلِ وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ ضَعِيفٌ. وَالسُّنَّةُ جَاءَتْ بِأَوْسَعَ مِنْ هَذَا وَهَذَا وَلَمْ تُكَلِّفْ النَّاسَ لَا هَذَا وَلَا هَذَا وَالْجَمْعُ جَائِزٌ فِي الْوَقْتِ الْمُشْتَرِكِ فَتَارَةً يَجْمَعُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ كَمَا جَمَعَ بِعَرَفَةَ. وَتَارَةً يَجْمَعُ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ كَمَا جَمَعَ بمزدلفة وَفِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ. وَتَارَةً يَجْمَعُ فِيمَا بَيْنَهُمَا فِي وَسَطِ الْوَقْتَيْنِ وَقَدْ يَقَعَانِ مَعًا فِي آخِرِ وَقْتِ الْأُولَى وَقَدْ يَقَعَانِ مَعًا فِي أَوَّلِ وَقْتِ الثَّانِيَةِ وَقَدْ تَقَعُ هَذِهِ فِي هَذَا وَهَذِهِ فِي هَذَا؛ وَكُلُّ هَذَا جَائِزٌ؛ لِأَنَّ أَصْلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْوَقْتَ عِنْدَ الْحَاجَةِ مُشْتَرَكٌ وَالتَّقْدِيمُ وَالتَّوَسُّطُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ فَفِي عَرَفَةَ وَنَحْوِهَا يَكُونُ التَّقْدِيمُ هُوَ السُّنَّةَ.
وَكَذَلِكَ جَمْعُ الْمَطَرِ: السُّنَّةُ أَنْ يَجْمَعَ لِلْمَطَرِ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ حَتَّى اخْتَلَفَ مَذْهَبُ أَحْمَد هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ لِلْمَطَرِ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَقِيلَ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ وَفِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ أَنَّ الْأَفْضَلَ التَّأْخِيرُ وَهُوَ غَلَطٌ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ الْقَدِيمِ وَصَاحِبُ هَذَا الْقَوْلِ ظَنَّ أَنَّ التَّأْخِيرَ فِي الْجَمْعِ أَفْضَلُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ يَجُوزُ فِعْلُهَا بَعْدَ الْوَقْتِ عِنْدَ النَّوْمِ وَالنِّسْيَانِ وَلَا يَجُوزُ فِعْلُهَا قَبْلَ الْوَقْتِ بِحَالِ بَلْ لَوْ صَلَّاهَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَقَبْلَ الْفَجْرِ أَعَادَهَا وَهَذَا غَلَطٌ؛ فَإِنَّ الْجَمْعَ بمزدلفة إنَّمَا الْمَشْرُوعُ فِيهِ تَأْخِيرُ الْمَغْرِبِ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute