للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِهِ عَلَيْهِ إلَّا حَدِيثَ مُعَاذٍ هَذَا؛ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ كَانَ نَازِلًا فِي خَيْمَةٍ فِي السَّفَرِ وَأَنَّهُ أَخَّرَ الظُّهْرَ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا ثُمَّ دَخَلَ إلَى بَيْتِهِ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا. فَإِنَّ الدُّخُولَ وَالْخُرُوجَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمَنْزِلِ وَأَمَّا السَّائِرُ فَلَا يُقَالُ دَخَلَ وَخَرَجَ بَلْ نَزَلَ وَرَكِبَ. وَتَبُوكُ هِيَ آخِرُ غَزَوَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُسَافِرْ بَعْدَهَا إلَّا حِجَّةَ الْوَدَاعِ وَمَا نُقِلَ أَنَّهُ جَمَعَ فِيهَا إلَّا بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَأَمَّا بِمِنًى فِلْم يَنْقُلْ أَحَدٌ أَنَّهُ جَمَعَ هُنَاكَ بَلْ نَقَلُوا أَنَّهُ كَانَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ هُنَاكَ وَلَا نَقَلُوا أَنَّهُ كَانَ يُؤَخِّرُ الْأُولَى إلَى آخِرِ وَقْتِهَا وَلَا يُقَدِّمُ الثَّانِيَةَ إلَى أَوَّلِ وَقْتِهَا وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَجْمَعُ أَحْيَانًا فِي السَّفَرِ وَأَحْيَانًا لَا يَجْمَعُ وَهُوَ الْأَغْلَبُ عَلَى أَسْفَارِهِ: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا. وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ الْجَمْعَ لَيْسَ مِنْ سُنَّةِ السَّفَرِ كَالْقَصْرِ؛ بَلْ يُفْعَلُ لِلْحَاجَةِ سَوَاءٌ كَانَ فِي السَّفَرِ أَوْ الْحَضَرِ فَإِنَّهُ قَدْ جَمَعَ أَيْضًا فِي الْحَضَرِ لِئَلَّا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ. فَالْمُسَافِرُ إذَا احْتَاجَ إلَى الْجَمْعِ جَمَعَ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ لِسَيْرِهِ وَقْتَ الثَّانِيَةِ أَوْ وَقْتَ الْأُولَى وَشَقَّ النُّزُولُ عَلَيْهِ أَوْ كَانَ مَعَ نُزُولِهِ لِحَاجَةٍ أُخْرَى: مِثْلَ أَنْ يَحْتَاجَ إلَى النَّوْمِ وَالِاسْتِرَاحَةِ وَقْتَ الظُّهْرِ وَوَقْتَ الْعِشَاءِ فَيَنْزِلُ وَقْتَ الظُّهْرِ وَهُوَ تعبان سَهْرَانُ جَائِعٌ مُحْتَاجٌ إلَى رَاحَةٍ وَأَكْلٍ وَنَوْمٍ فَيُؤَخِّرُ الظُّهْرَ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ